( 5214 ) مسألة ; قال : ( ومن ، لم يجز إلا أن يزوجه والده ، أو وصي ناظر له في التزويج ) الكلام في هذه المسألة في فصول أربعة : ( 5215 ) الفصل الأول : أنه ليس لغير الأب أو وصيه تزويج الغلام قبل بلوغه . وقال زوج غلاما غير بالغ ، أو معتوها ، في " المجرد " : للحاكم تزويجه ; لأنه يلي ماله . وقال القاضي : يملك ولي الصبي تزويجه ، ليألف حفظ فرجه عند بلوغه . وليس بسديد ; فإن غير الأب لم يملك تزويج الجارية الصغيرة ، فالغلام أولى . وفارق الأب ووصيه ; فإن لهما تزويج الصغيرة ، وولاية الإجبار الشافعي
وسواء أذن الغلام في تزويجه أو لم يأذن ، فإنه لا إذن له . ( 5216 ) الفصل الثاني : أن المعتوه ; وهو الزائل العقل بجنون مطبق ، ليس لغير الأب ووصيه تزويجه . وهذا قول . وقال مالك أبو عبد الله بن حامد : للحاكم تزويجه إذا ظهر منه شهوة النساء ، بأن يتبعهن ويريدهن . وهذا مذهب ; لأن ذلك من مصالحه ، وليس له حال ينتظر فيها إذنه . وقد ذكرنا توجيه الوجهين في تزويج المجنونة . وينبغي على هذا القول أن يجوز تزويجه إذا قال أهل الطب : إن في تزويجه ذهاب علته . لأنه من أعظم مصالحه . والله أعلم الشافعي
( 5217 ) الفصل الثالث : أن للأب أو وصيه تزويجهما ، سواء كان الغلام عاقلا أو مجنونا ، وسواء كان الجنون ، مستداما أو طارقا ، فأما الغلام السليم من الجنون ، فلا نعلم بين أهل العلم خلافا في أن لأبيه تزويجه ، كذلك قال . وممن هذا مذهبه ابن المنذر الحسن ، والزهري ، ، وقتادة ، ومالك ، والثوري والأوزاعي ، وإسحاق ، ، وأصحاب الرأي ; لما روي أن والشافعي زوج ابنه وهو صغير ، فاختصما إلى ابن عمر ، فأجازاه جميعا . رواه زيد بإسناده . وأما الغلام المعتوه ، فلأبيه تزويجه الأثرم
وقال : لا يجوز ; لأنه يلزمه بالتزويج حقوقا من المهر والنفقة ، مع عدم حاجته ، فلم يجز له ذلك ، كغيره من الأولياء . ولنا ، أنه غير بالغ ، فملك أبوه تزويجه ، كالعاقل ، ولأنه إذا ملك تزويج العاقل مع أن له عند احتياجه إلى التزويج رأيا ونظرا لنفسه فلأن يجوز تزويج من لا يتوقع فيه ذلك أولى . وفارق غير الأب ، فإنه لا يملك تزويج العاقل . وأما البالغ المعتوه ، فظاهر كلام الشافعي ، أحمد ، أن للأب تزويجه مع ظهور أمارات الشهوة [ ص: 39 ] وعدمها والخرقي
وقال : إنما يجوز تزويجه إذا ظهرت منه أمارات الشهوة باتباع النساء ونحوه . وهو مذهب القاضي ; لأن في تزويجه مع عدم حاجته إضرارا به ، بإلزامه حقوقا لا مصلحة له في التزامها . وقال الشافعي أبو بكر : ليس للأب تزويجه بحال ; لأنه رجل ، فلم يجز إجباره على النكاح كالعاقل . وقال : إن طرأ عليه الجنون بعد البلوغ ، لم يجز تزويجه ، وإن كان مستداما ، جاز . ولنا ، أنه غير مكلف ، فجاز لأبيه تزويجه كالصغير ، فإنه إذا جاز تزويج الصغير ، مع عدم حاجته في الحال ، وتوقع نظره عند الحاجة ، فهاهنا أولى . ولنا ، على التسوية بين الطارئ والمستدام ، أنه معنى يثبت الولاية ، فاستوى طارئه ومستدامه ، كالرق ، ولأنه جنون يثبت الولاية على ماله ، فأثبتها عليه في نكاحه ، كالمستدام زفر
فأما اعتبار الحاجة ، فلا بد منها ، فإنه لا يجوز لوليه تزويجه ، إلا إذا رأى المصلحة فيه ، غير أن الحاجة لا تنحصر في قضاء الشهوة ، فقد تكون حاجته إلى الإيواء والحفظ ، وربما كان دواء له ، ويترجى به شفاؤه ، فجاز التزويج له ، كقضاء الشهوة . والله أعلم .