الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 5935 ) فصل : وإن قال لإحداهما : إن حلفت بطلاقك ، فضرتك طالق . ثم قال للأخرى مثل ذلك طلقت الثانية ; لأن إعادته للثانية هو حلف بطلاق الأولى ، وذلك شرط وقوع طلاق الثانية ، ثم إن أعاد للأولى ، طلقت ، ثم كلما أعاده على هذا الوجه لامرأة طلقت ، حتى يكمل للثانية ثلاث ، ثم إذا أعاده للأولى لم تطلق ; لأن الثانية قد بانت منه ، فلم يكن ذلك حلفا بطلاقها . ولو قال هذا القول لامرأة ، ثم أعاده لها ، لم تطلق به واحدة منهما ; لأن ذلك ليس بحلف بطلاقها ، إنما هو حلف بطلاق ضرتها ، ولم يعلق على ذلك طلاقا . وإن قال للأولى ; إن حلفت بطلاق ضرتك ، فأنت طالق . ثم قال للأخرى مثل ذلك . طلقت الأولى ; لأن قوله ذلك للثانية حلف بطلاقها ، وشرط لوقوع الطلاق بالأولى . ثم إن أعاده للأولى . طلقت الثانية ، ثم كلما أعاده لامرأة منهما على هذا الوجه ، طلقت الأخرى .

                                                                                                                                            فإن كانت إحداهما غير مدخول بها ، فطلقت مرة ، بانت ، ولم تطلق صاحبتها بإعادة ذلك لها ; لأنه ليس بحلف بطلاقها ، لكونها بائنا ، فهي كسائر الأجنبيات . إن قال لإحداهما : إذا حلفت بطلاق ضرتك ، فهي طالق . ثم قال للأخرى مثل ذلك . لم تطلق واحدة منهما . ثم إن أعاد ذلك لإحداهما ، طلقت الأخرى ، ثم إن أعاده للأخرى ، طلقت صاحبتها ، ثم كلما أعاده لامرأة ، طلقت الأخرى ، إلا أن تكون إحداهما غير مدخول بها ، أو لم يبق من طلاقها إلا دون الثلاث ، فإنها إذا بانت صارت كالأجنبية . ولو قال ذلك لامرأة ابتداء ، ثم أعاده لها ، طلقت ضرتها بكل إعادة مرة ، حتى تكمل الثلاث . وإن قال لامرأة : إذا حلفت بطلاق ضرتك ، فهي طالق . ثم قال للأخرى : إذا حلفت بطلاقك ، فأنت طالق . طلقت في الحال .

                                                                                                                                            ثم إن قال للأولى مثل ما قال لها ، أو قال للثانية مثل ما قال لها طلقت الثانية ، وكذلك الثالثة ، ولا يقع بالأولى بهذا طلاق ; لأن الحلف في الموضعين إنما هو بطلاق الثانية . ولو قال للأولى : إن حلفت بطلاقك ، فأنت طالق . ثم قال للثانية : إن حلفت بطلاق ضرتك فهي طالق . طلقت الأولى ، ثم متى أعاد أحد هذين الشرطين مرة أخرى ، طلقت الأولى مرة ثانية ، وكذلك الثالثة ، ولا يقع بالثانية بهذا طلاق . ولو قال لإحداهما : إذا حلفت بطلاقك ، فضرتك طالق . ثم قال للأخرى : إذا حلفت بطلاق ضرتك ، فأنت طالق . لم تطلق واحدة منهما ; لأنه في الموضعين علق طلاق الثانية على الحلف بطلاق [ ص: 335 ] الأولى ، ولم يحلف بطلاقها .

                                                                                                                                            ولو أعاد ذلك لهما ، لم يقع طلاق بواحدة منهما ، وسواء تقدم القول للثانية على القول للأولى ، أو تأخر عنه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية