الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 5951 ) فصل : والحروف المستعملة للشرط وتعليق الطلاق بها ستة ; إن ، وإذا ، ومتى ، ومن ، وأي وكلما . فمتى علق الطلاق بإيحاد فعل بواحد منها كان على التراخي ، مثل قوله : إن خرجت ، وإذا خرجت ، ومتى خرجت ، وأي حين ، وأي زمان ، وأي وقت خرجت ، وكلما خرجت ، ومن خرجت منكن ، وأيتكن خرجت فهي طالق . فمتى وجد الخروج طلقت . وإن مات أحدهما ، سقطت اليمين . فأما إن علق الطلاق بالنفي بواحد من هذه الحروف ، كانت " إن " على التراخي ، ومتى ، وأي ، ومن ، وكلما ، على الفور ; لأن قوله : متى دخلت فأنت طالق . يقتضي أي زمان دخلت فأنت طالق . وذلك شائع في الزمان كله ، فأي زمن دخلت وجدت الصفة . وإذا قال : متى لم تدخلي فأنت طالق . فإذا مضى عقيب اليمين زمن لم تدخل فيه ، وجدت الصفة ; لأنها اسم لوقت الفعل ، فيقدر به ، ولهذا يصح السؤال به ، فيقال : متى دخلت ؟ أي : أي وقت دخلت .

                                                                                                                                            وأما " إن " فلا تقتضي وقتا ، فقوله : إن لم تدخلي . لا يقتضي وقتا ، إلا ضرورة أن الفعل لا يقع إلا في وقت ، فهي مطلقة في الزمان كله . وأما إذا ، ففيها وجهان ; أحدهما ، هي على التراخي . وهو قول أبي حنيفة . ونصره القاضي ; لأنها تستعمل شرطا بمعنى إن ، قال الشاعر :

                                                                                                                                            استغن ما أغناك ربك بالغنى وإذا تصبك خصاصة فتجمل

                                                                                                                                            [ ص: 343 ] فجزم بها كما يجزم بأن ، ولأنها تستعمل بمعنى متى وإن ، وإذا احتملت الأمرين ، فاليقين بقاء النكاح ، فلا يزول بالاحتمال . والوجه الآخر أنها على الفور . وهو قول أبي يوسف ، ومحمد . وهو المنصوص عن الشافعي ; لأنها اسم لزمن مستقبل ، فتكون كمتى .

                                                                                                                                            وأما المجازاة بها فلا تخرجها عن موضوعها ، فإن متى يجازى بها ألا ترى إلى قول الشاعر :

                                                                                                                                            متى تأته تعشو إلى ضوء ناره     تجد خير نار عندها خير موقد

                                                                                                                                            و " من " يجازى بها أيضا ، وكذلك " أي " وسائر الحروف ، وليس في هذه الحروف ما يقتضي التكرار إلا كلما ، وذكر أبو بكر في " متى " أنها تقتضي التكرار أيضا ; لأنها تستعمل للتكرار ، بدليل قوله :

                                                                                                                                            متى تأته تعشو إلى ضوء ناره     تجد خير نار عندها خير موقد

                                                                                                                                            أي : في كل وقت . ولأنها تستعمل في الشرط والجزاء ، ومتى وجد الشرط ترتب عليه جزاؤه . والصحيح أنها لا تقتضيه ; لأنها اسم زمن بمعنى أي وقت ، وبمعنى إذا ، فلا تقتضي ما لا يقتضيانه ، وكونها تستعمل للتكرار في بعض أحيانها ، لا يمنع استعمالها في غيره ، مثل إذا وأي وقت ، فإنهما يستعملان في الأمرين ، قال الله تعالى : { وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره . وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم } . { وإذا لم تأتهم بآية قالوا لولا اجتبيتها } . وقال الشاعر :

                                                                                                                                            قوم إذا الشر أبدى ناجذيه     لهم ساروا إليه زرافات ووحدانا

                                                                                                                                            وكذلك أي وقت وأي زمان ، فإنهما يستعملان للتكرار ، وسائر الحروف يجازى بها ، إلا أنها لما كانت تستعمل للتكرار وغيره ، لا تحمل على التكرار إلا بدليل ، كذلك متى .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية