الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 6115 ) فصل : فإن قال لأربع نسوة : والله لا أقربكن . انبنى ذلك على أصل ، وهو الحنث بفعل بعض المحلوف عليه أولا ، فإن قلنا : يحنث . فهو مول منهن كلهن في الحال ; لأنه لا يمكنه وطء واحدة بغير حنث ، فصار مانعا لنفسه من وطء كل واحدة منهن في الحال ، فإن وطئ واحدة منهن ، حنث ، وانحلت يمينه ، وزال الإيلاء من البواقي . وإن طلق بعضهن أو مات ، لم ينحل الإيلاء في البواقي . وإن قلنا : لا يحنث بفعل البعض . لم يكن موليا منهن في الحال ; لأنه يمكنه وطء كل واحدة منهن من غير حنث ، فلم يمنع نفسه بيمينه من وطئها ، فلم يكن موليا منها .

                                                                                                                                            فإن وطئ ثلاثا ، صار موليا من الرابعة ; لأنه لا يمكنه وطؤها من غير حنث في يمينه . وإن مات بعضهن ، أو طلقها ، انحلت يمينه ، وزال الإيلاء ; لأنه لا يحنث بوطئهن ، وإنما يحنث بوطء الأربع . فإن راجع المطلقة ، أو تزوجها بعد بينونتها ، عاد حكم يمينه . وذكر القاضي ، أنا إذا قلنا : يحنث بفعل البعض . فوطئ واحدة ، حنث ، ولم ينحل الإيلاء في البواقي ; لأن الإيلاء من امرأة لا ينحل بوطء غيرها . ولنا أنها يمين واحدة حنث فيها ، فوجب أن تنحل ، كسائر الأيمان ، ولأنه إذا وطئ واحدة حنث ، ولزمته الكفارة ، فلا يلزمه بوطء الباقيات شيء ، فلم يبق ممتنعا من وطئهن بحكم يمينه ، فانحل الإيلاء ، كما لو كفرها .

                                                                                                                                            واختلف أصحاب الشافعي ، فقال بعضهم : لا يكون موليا منهن حتى يطأ ثلاثا ، فيصير موليا من الرابعة . وحكى المزني ، عن الشافعي ، أنه يكون موليا منهن كلهن ، يوقف لكل واحدة منهن ، فإذا أصاب بعضهن ، خرجت من حكم الإيلاء ، ويوقف لمن بقي حتى يفيء أو يطلق ، ولا يحنث حتى يطأ الأربع . وقال أصحاب الرأي : يكون موليا منهن كلهن ، فإن تركهن أربعة أشهر ، بن منه جميعا بالإيلاء ، وإن وطئ بعضهن ، سقط الإيلاء في [ ص: 422 ] حقها ، ولا يحنث إلا بوطئهن جميعا . ولنا ، أن من لا يحنث بوطئها ، لا يكون موليا منها ، كالتي لم يحلف عليها .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية