الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 5959 ) فصل : إذا قال لطاهر : إذا حضت فأنت طالق . فرأت الدم في وقت يمكن أن يكون حيضا ، حكمنا بوقوع الطلاق ، كما يحكم بكونه حيضا في المنع من الصلاة وغيرها مما يمنع منه الحيض . وإن بان أنه ليس بحيض ، لانقطاعه لدون أقل الحيض ، بان أن الطلاق لم يقع . وبهذا قال الثوري ، والشافعي ، وأصحاب الرأي . قال ابن المنذر : لا نعلم أحدا قال غير ذلك إلا مالكا فإن ابن القاسم روى عنه ، أنه يحنث حين تكلم به . وقد سبق الكلام معه في هذا . وإن قال لحائض : إذا حضت فأنت طالق . لم تطلق حتى تطهر ثم تحيض . ولو قال لطاهر : إذا طهرت فأنت طالق . لم تطلق حتى تحيض ثم تطهر . وهذا يحكى عن أبي يوسف .

                                                                                                                                            وقال بعض أصحاب الشافعي : الذي يقتضيه مذهب الشافعي أنها تطلق بما يتجدد من حيضها وطهرها في المسألتين ; لأنه قد وجد منها الحيض والطهر ، فوقع الطلاق لوجود صفته . ولنا ، أن إذا اسم زمن مستقبل ، يقتضي فعلا مستقبلا ، وهذا الحيض والطهر مستدام غير متجدد ، ولا يفهم من إطلاق : حاضت المرأة وطهرت . إلا ابتداء ذلك ، فتعلقت الصفة به . ولو قال لطاهر : إذا حضت حيضة فأنت طالق . لم تطلق حتى تحيض ثم تطهر . نص عليه أحمد ; لأنه لا توجد حيضة كاملة إلا بذلك .

                                                                                                                                            ولو قال لحائض : إذا طهرت فأنت طالق . طلقت بأول الطهر ، وتطلق في الموضعين بانقطاع دم الحيض قبل الغسل . نص عليه أحمد ، في رواية إبراهيم الحربي . وذكر أبو بكر ، في " التنبيه " فيها قولا ، أنها لا تطلق حتى تغتسل ، بناء على أن العدة لا تنقضي بانقطاع الدم حتى تغتسل . ولنا ، أن الله تعالى قال : { ولا تقربوهن حتى يطهرن } . أي : ينقطع دمهن ، { فإذا تطهرن } . أي : اغتسلن . [ ص: 349 ] ولأنه قد ثبت لها أحكام الطاهرات في وجوب الصلاة وصحة الطهارة والصيام ، وإنما بقي بعض الأحكام موقوفا على وجود الغسل ، ولأنها ليست حائضا فيلزم أن تكون طاهرا ; لأنهما ضدان على التعيين ، فيلزم من انتفاء أحدهما وجود الآخر .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية