( 5462 ) فصل : إذا فأعتقت إحداهن ، ثم أسلمت ، ثم أسلم البواقي ، لم يكن له أن يختار من الإماء ; لأنه مالك لعصمة حرة حين اجتماعها على الإسلام . وإن أسلمت إحداهن معه ، ثم أعتقت ، ثم أسلم البواقي ، فله أن يختار من الإماء ; لأن العبرة بحال الاختيار ، وهي حالة اجتماعهم على الإسلام ، وحالة اجتماعهما على الإسلام كانت أمة أسلم الحر وتحته إماء ،
( 5463 ) فصل : ولو أسلم وتحته أربع إماء ، وهو عادم للطول خائف للعنت ، فأسلمن معه ، فله أن يختار منهن واحدة ، فإن كانت لا تعفه ، فله أن يختار منهن من تعفه ، في إحدى الروايتين ، والأخرى لا يختار إلا واحدة . وهذا مذهب . وتوجيههما قد مضى في ابتداء نكاح الإماء . وإن عدم فيه الشرطان ، انفسخ النكاح في الكل ، ولم يكن له خيار . وبهذا قال الشافعي . وقال الشافعي : له أن يختار منهن ; لأنه استدامة للعقد ، لا ابتداء له ، بدليل أنه لا يشترط له شروط العقد ، فأشبه الرجعة أبو ثور
ولنا ، أن هذه امرأة لا يجوز ابتداء العقد عليها حال الإسلام ، فلم يملك اختيارها ، كالمعتدة من غيره ، وكذوات محارمه . وأما الرجعة فهي قطع جريان النكاح إلى البينونة ، وهذا إثبات النكاح في امرأة . وإن كان دخل بهن ، ثم أسلم ، ثم أسلمن في عدتهن ، فالحكم كذلك
وقال أبو بكر : لا يجوز له هاهنا اختيار ، بل يبن بمجرد إسلامه ، لئلا يفضي إلى استدامة نكاح مسلم في أمة كافرة . ولنا ، أن إسلامهن في العدة بمنزلة إسلامهن معه ، ولهذا لو كن حرائر مجوسيات أو وثنيات ، فأسلمن في عدتهن ، كان ذلك كإسلامهن معه ، وإن لم يسلمن حتى انقضت عدتهن ، انفسخ نكاحهن ، سواء كن كتابيات أو غير كتابيات ; لأنه لا يجوز له استدامة النكاح في أمة كتابية
( 5464 ) فصل : ولو أسلم وهو واجد للطول ، فلم يسلمن حتى أعسر ، ثم أسلمن ، فله أن يختار منهن ; لأن شرائط النكاح تعتبر في وقت الاختيار ، وهو وقت اجتماعهم على الإسلام ، وهو حينئذ عادم للطول خائف للعنت ، فكان له الاختيار . وإن أسلم وهو معسر ، فلم يسلمن حتى أيسر ، لم يكن له الاختيار ; لذلك . وإن أسلمت واحدة منهن وهو موسر ، ثم أسلم البواقي بعد إعساره ، لم يكن له أن يختار منهن شيئا ; لأن وقت الاختيار دخل بإسلام الأولى ، ألا ترى أنه لو كان معسرا ، كان له اختيارها ، فإذا كان موسرا ، بطل اختياره . وإن أسلمت الأولى وهو معسر ، فلم تسلم البواقي [ ص: 128 ] حتى أيسر ، لزم نكاح الأولى ، ولم يكن له الاختيار من البواقي ; لأن الأولى اجتمعت معه في حالة يجوز له ابتداء نكاحها ، بخلاف البواقي
ولو أسلم وأسلمن معه وهو معسر ، فلم يختر حتى أيسر ، كان له أن يختار ; لأن حال ثبوت الاختيار كان له ذلك ، فتغير حاله لا يسقط ما ثبت له ، كما لو تزوج أو اختار ثم أيسر ، لم يحرم عليه استدامة النكاح
( 5465 ) فصل : فإن أسلم وأسلمت معه واحدة منهن ، وهو ممن يجوز له نكاح الإماء ، فله أن يختار من أسلمت معه ; لأن له أن يختارها لو أسلمن كلهن ، فكذلك إذا أسلمت وحدها . وإن أحب انتظار البواقي جاز ; لأن له غرضا صحيحا ، وهو أن يكون منهن من هي أبر عنده من هذه . فإن انتظرهن ، فلم يسلمن حتى انقضت عدتهن ، تبين أن نكاح هذه كان لازما ، وبان البواقي منذ اختلف الدينان .
وإن أسلمن في العدة ، اختار منهن واحدة ، وانفسخ نكاح الباقيات حين الاختيار ، وعددهن من حين الاختيار . وإن أسلم بعضهن دون بعض ، بان اللائي لم يسلمن منذ اختلف الدينان ، والبواقي من حين اختاره . وإن اختار التي أسلمت معه حين أسلمت ، انقطعت عصمة البواقي ، وثبت نكاحها
فإن أسلم البواقي في العدة ، تبين أنهن بن منه باختياره ، وعدتهن من حينئذ . وإن لم يسلمن ، بن باختلاف الدين ، وعدتهن منه . وإن طلق التي أسلمت معه ، طلقت ، وكان اختيارا لها . وحكم ذلك حكم ما لو اختارها صريحا ; لأن إيقاع طلاقه عليها يتضمن اختيارها . فأما إن اختار فسخ نكاحها ، لم يكن له ; لأن الباقيات لم يسلمن معه ، فما زاد العدد على ما له إمساكه في هذه الحال ، ولا ينفسخ النكاح ، ثم ننظر ; فإن لم يسلم البواقي ، لزمه نكاحها ، وإن أسلمن فاختار منهن واحدة ، انفسخ نكاح البواقي ، والأولى معهن . وإن اختار الأولى التي فسخ نكاحها ، صح اختياره لها ; لأن فسخه لنكاحها لم يصح
وفيه وجه آخر ذكره ، أنه لا يصح اختياره لها ; لأن فسخه إنما لم يصح مع إقامة البواقي على الكفر حتى تنقضي العدة ، لأننا نتبين أن نكاحها كان لازما ، فإذا أسلمن لحق إسلامهن بتلك الحال ، وصار كأنهن أسلمن في ذلك الوقت ، فإذا فسخ نكاح إحداهن ، صح الفسخ ، ولم يكن له أن يختارها . وهذا يبطل بما لو فسخ نكاح إحداهن قبل إسلامها ، فإنه لا يصح ، ولا يجعل إسلامهن الموجود في الثاني كالموجود سابقا ، كذلك هاهنا . القاضي