الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 5908 ) فصل : فإن قال : أنت طالق اثنتين وواحدة إلا واحدة ففيه وجهان ; أحدهما ، لا يصح الاستثناء ; لأن الاستثناء يرفع الجملة الأخيرة بكمالها من غير زيادة عليها ، فيصير ذكرها واستثناؤها لغوا ، وكل استثناء أفضى تصحيحه إلى الغاية وإلغاء المستثنى منه بطل ، كاستثناء الجميع ، ولأن إلغاءه وحده أولى من إلغائه مع إلغاء غيره ، ولأن الاستثناء يعود إلى الجملة الأخيرة في أحد الوجهين ، فيكون استثناء للجميع . والوجه الثاني ، يصح الاستثناء ، ويقع طلقتان ; لأن العطف بالواو يجعل الجملتين كالجملة الواحدة ، فيصير مستثنيا لواحدة من ثلاث ، ولذلك لو قال له : علي مائة وعشرون درهما إلا خمسين . صح . والأول أصح ، وهو مذهب أبي حنيفة ، والشافعي .

                                                                                                                                            وإن قال : أنت طالق واحدة واثنتين إلا واحدة . فعلى الوجه الثاني ، يصح الاستثناء ، وعلى الوجه الأول ، يخرج في صحته وجهان ; بناء على استثناء النصف . وإن قال : أنت طالق ، وطالق ، إلا طلقة . أو قال : طالق طلقتين ونصفا إلا طلقة . فالحكم في ذلك كالحكم في المسألة الأولى سواء . وإن كان العطف بغير واو ، كقوله : أنت طالق فطالق فطالق ، أو طالق ثم طالق ثم طالق إلا طلقة ، لم يصح الاستثناء ; لأن هذا حرف يقتضي الترتيب وكون الطلقة الأخيرة مفردة عما قبلها ، فيعود الاستثناء إليها وحدها فلا يصح . وإن قال : أنت طالق اثنتين واثنتين إلا اثنتين . لم يصح الاستثناء ; لأنه إن عاد إلى الجملة التي تليه ، فهو رفع لجميعها ، وإن عاد إلى الثلاث التي يملكها ، فهو رفع لأكثرها ، وكلاهما لا يصح .

                                                                                                                                            ويحتمل أن يصح ; بناء على أن العطف بالواو يجعل الجملتين جملة واحدة ، وأن استثناء النصف يصح ، فكأنه قال : أربعا إلا اثنتين . وإن قال : أنت طالق اثنتين واثنتين إلا واحدة . احتمل أن يصح ; لأنه استثنى واحدة من ثلاث . واحتمل أن لا يصح ; لأنه إن عاد إلى الرابعة ، فقد بقي بعدها ثلاث ، وإن عاد إلى الواحدة الباقية من الاثنتين ، فهو استثناء الجميع .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية