الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 5986 ) فصل : ولو حلف لا يشتمه ، ولا يكلمه في المسجد ، ففعل ذلك في المسجد ، والمحلوف عليه في غيره ، حنث ، وإن فعله في غير المسجد ، والمحلوف عليه في المسجد ، لم يحنث . ولو حلف لا يضربه ، ولا يشجه ، ولا يقتله في المسجد ، ففعله ، والحالف في المسجد ، والمحلوف عليه في غيره ، لم يحنث ، وإن كان الحالف في غير المسجد ، والمحلوف عليه في المسجد ، حنث ; لأن الشتم والكلام قول يستقل به القائل ، فلا يعتبر فيه حضور المشتوم ، فيوجد من الشاتم في المسجد وإن لم يكن المشتوم فيه ، والكلام قول ; فهو كالشتم ، وسائر الأفعال المذكورة فعل متعد محله المضروب والمقتول والمشجوج ، فإذا كان محله في غير المسجد كان الفعل في غيره ، فيعتبر محل المفعول به .

                                                                                                                                            ولو حلف ليقتلنه يوم الجمعة ، فجرحه يوم الخميس ، ومات يوم الجمعة . فقال القاضي : لا يحنث . وإن جرحه يوم الجمعة فمات يوم السبت ، فقال : يحنث ; لأنه لا يكون مقتولا حتى يموت ، فاعتبر يوم موته لا يوم ضربه . ويتوجه أن يكون الحكم بالعكس في المسألتين ، فيعتبر يوم جرحه لا يوم موته ; لأن القتل فعل القاتل ، ولهذا يصح الأمر به والنهي عنه ، قال الله تعالى : { فاقتلوا المشركين } . { ولا تقتلوا أولادكم } . والأمر والنهي إنما يتوجه إلى فعل ممكن فعله وتركه ، وذلك فعل الآدمي من الجرح ونحوه ، أما الزهوق ففعل الله تعالى لا يؤمر به ، ولا ينهى عنه ، ولا سبيل للآدمي إلا تعاطي سببه ، وهو شرط في القتل ، فإذا وجد تبينا أن الفعل المفضي إليه كان قتلا ، ولذلك جاز تقديم الكفارة بعد الجرح ، وقبل الزهوق .

                                                                                                                                            ولو حلف لأقتلنه ، فمات من جرح كان جرحه ، لم يبر . ولو حلف لا يقتله ، لم يحنث بذلك أيضا . ويحتمل أن لا يبر حتى يوجد السبب والزهوق معا في يوم ; لأن القتل لا يتم إلا بسببه وشرطه ، فأما بنسبته إلى الشرط وحده دون السبب ، فبعيد .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية