الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 6004 ) مسألة ; قال : ( وإذا قال لمدخول بها : أنت طالق ، أنت طالق . لزمه تطليقتان ، إلا أن يكون أراد بالثانية إفهامها أن قد وقعت بها الأولى ، فتلزمه واحدة . وإن كانت غير مدخول بها ، بانت بالأولى ، ولم يلزمها ما بعدها ; لأنه ابتداء كلام ) وجملة ذلك أنه إذا قال لامرأته المدخول بها : أنت طالق . مرتين . ونوى بالثانية إيقاع طلقة ثانية ، وقعت بها طلقتان بلا خلاف ، وإن نوى بها إفهامها أن الأولى قد وقعت بها ، أو التأكيد ، لم تطلق إلا واحدة . وإن لم تكن له نية ، وقع طلقتان . وبه قال أبو حنيفة ، ومالك . وهو الصحيح من قولي الشافعي ، وقال في الآخر : تطلق واحدة ; لأن التكرار يكون للتأكيد والإفهام ، ويحتمل الإيقاع ، فلا توقع طلقة بالشك .

                                                                                                                                            ولنا ، أن هذا اللفظ للإيقاع ، ويقتضي الوقوع ، بدليل ما لو لم يتقدمه مثله ، وإنما ينصرف عن ذلك بنية التأكيد والإفهام ، فإذا لم يوجد ذلك وقع مقتضاه ، كما يجب العمل بالعموم . في العام إذا لم يوجد المخصص ، وبالإطلاق في المطلق إذا لم يوجد المقيد . فأما غير المدخول بها ، فلا تطلق إلا طلقة واحدة ، سواء نوى الإيقاع أو غيره ، وسواء قال ذلك منفصلا ، أو متصلا . وهذا قول أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث ، وعكرمة ، والنخعي ، وحماد بن أبي سليمان ، والحكم ، والثوري ، والشافعي ، وأصحاب الرأي وأبي عبيد ، وابن المنذر . وذكره الحكم عن علي ، وزيد بن ثابت ، وابن مسعود .

                                                                                                                                            وقال مالك ، والأوزاعي ، والليث يقع بها تطليقتان ، وإن قال ذلك ثلاثا ، طلقت ثلاثا ، إذا كان متصلا ; لأنه طلق ثلاثا بكلام متصل ، أشبه قوله : أنت طالق ثلاثا . ولنا ، أنه طلاق مفرق ، في غير المدخول بها ، فلم تقع الأولى ، كما لو فرق كلامه ، ولأن غير المدخول بها تبين بطلقة ، لأنه لا عدة عليها ، فتصادفها الطلقة الثانية بائنا ، فلم يمكن وقوع الطلاق بها ; لأنها غير زوجة ، وإنما تطلق الزوجة ، ولأنه قول من سمينا من الصحابة ، ولا نعلم لهم مخالفا في عصرهم ، فيكون إجماعا .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية