( 6287 ) المسألة الثانية : في أما ألفاظه فهي خمسة في حق كل واحد منهما . وصفته أن الإمام يبدأ بالزوج ، فيقيمه ، له : ويقول له : قل أربع مرات : أشهد بالله إني لمن الصادقين فيما رميت به زوجتي هذه من الزنا . ويشير إليها إن كانت حاضرة ، ولا يحتاج مع الحضور والإشارة إلى نسبه وتسميته ، كما لا يحتاج إلى ذلك في سائر العقود ، وإن كانت غائبة أسماها ونسبها ، فقال : امرأتي فلانة بنت فلان . ويرفع في نسبها حتى ينفي المشاركة بينها وبين غيرها . فإذا شهد أربع مرات ، وقفه الحاكم ، وقال له : اتق الله ، فإنها الموجبة ، وعذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة ، وكل شيء أهون من لعنة الله . ويأمر رجلا فيضع يده على فيه ، حتى لا يبادر بالخامسة قبل الموعظة ، ثم يأمر الرجل ، فيرسل يده عن فيه ، فإن رآه يمضي في ذلك ، قال له : قل : وإن لعنة الله علي إن كنت من الكاذبين فيما رميت به زوجتي هذه من الزنا . ثم يأمر المرأة بالقيام ، ويقول لها قولي : أشهد بالله أن زوجي هذا لمن الكاذبين فيما رماني به من الزنا . وتشير إليه ، وإن كان غائبا أسمته ونسبته ، فإذا كررت ذلك أربع مرات ، وقفها ، ووعظها كما ذكرنا في حق الزوج ، ويأمر امرأة فتضع يدها على فيها ، فإن رآها تمضي على ذلك ، قال لها : قولي : وإن غضب الله علي إن كان زوجي هذا من الصادقين فيما رماني به من الزنا . ألفاظ اللعان وصفته ،
قال إسحاق بن منصور : قلت : كيف يلاعن ؟ قال : على ما في كتاب الله تعالى ، يقول أربع مرات : أشهد بالله إني فيما رميتها به لمن الصادقين . ثم يوقف عند الخامسة ، فيقول : لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين . والمرأة مثل ذلك ، توقف عند الخامسة ، فيقال لها اتق الله ، فإنها الموجبة ، توجب عليك العذاب . فإن حلفت ، قالت : غضب الله عليها إن كان من الصادقين . لأحمد
وعدد هذه الألفاظ الخمسة شرط في اللعان ، فإن أخل بواحدة منها ، لم يصح على ما ذكرناه فيما مضى ، وإن أبدل لفظا منها ، فظاهر كلام أنه يجوز أن يبدل قوله : إني لمن الصادقين . بقوله : لقد زنت . لأن معناهما واحد ، ويجوز لها إبدال : إنه لمن الكاذبين . بقولها : لقد كذب . لأنه ذكر صفة اللعان كذلك . واتباع لفظ النص أولى وأحسن . وإن أبدل لفظة : ( أشهد ) بلفظ من ألفاظ اليمين ، فقال : أحلف أو أقسم أو أولي . لم يعتد به . وقال الخرقي : فيه وجه آخر ، أنه يعتد به ; لأنه أتى بالمعنى ، فأشبه ما لو أبدل : إني لمن الصادقين . بقوله : لقد زنت . أبو الخطاب
وجهان في هذا . والصحيح أنه لا يصح ; لأن ما اعتبر فيه لفظ الشهادة ، لم يقم غيره مقامه ، كالشهادات في الحقوق ، ولأن اللعان يقصد فيه التغليظ ، واعتبار لفظ الشهادات أبلغ في التغليظ ، فلم يجز تركه ، ولهذا لم يجز أن يقسم بالله من غير كلمة تقوم مقام أشهد . والثاني ، يعتد به ; لأنه أتى بالمعنى ، أشبه ما قبله . وللشافعي وجهان كهذين . وإن أبدل لفظة اللعنة بالإبعاد ، لم [ ص: 70 ] يجز ; لأن لفظ اللعنة أبلغ في الزجر وأشد في أنفس الناس ، ولأنه عدل عن المنصوص . وقيل : يجوز ; لأن معناهما واحد . وللشافعي
وإن أبدلت المرأة لفظة الغضب باللعنة ، لم يجز ; لأن الغضب أغلظ ، ولهذا خصت المرأة به ; لأن المعرة بزناها أقبح ، وإثمها بفعل الزنا أعظم من إثمه بالقذف . وإن أبدلتها بالسخط ، خرج على وجهين فيما إذا أبدل الرجل لفظ اللعنة بالإبعاد . وإن أبدل الرجل لفظة اللعنة بالغضب احتمل أن يجوز لأنه أبلغ ، واحتمل أن لا يجوز ; لمخالفته المنصوص . قال الوزير يحيى بن محمد بن هبيرة - رحمه الله تعالى - : من الفقهاء من اشترط أن يزاد بعد قوله : من الصادقين : فيما رميتها به من الزنا . واشترط في نفيها عن نفسها : فيما رماني به من الزنى . ولا أراه يحتاج إليه ; لأن الله سبحانه أنزل ذلك وبينه ، ولم يذكر هذا الاشتراط .
وأما موعظة الإمام لهما بعد الرابعة وقبل الخامسة فهي مستحبة في قول أكثر أهل العلم ; لما روى قال : لما كانت الخامسة ، قيل : يا ابن عباس هلال ، اتق الله ، فإنها الموجبة التي توجب عليك العذاب . فقال : والله لا يعذبني الله عليها ، كما لم يجلدني عليها . فشهد الخامسة . فلما كانت الخامسة ، قيل لها : اتق الله ، فإن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة ، وإن هذه الموجبة التي توجب عليك العذاب . فتلكأت ساعة ، ثم قالت : والله لا أفضح قومي . فشهدت الخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين .
وروى أبو إسحاق الجوزجاني ، بإسناده ، حديث المتلاعنين ، قال : { } وذكر الحديث . فشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين ، ثم أمر به فأمسك على فيه فوعظه ، وقال : ويحك كل شيء أهون عليك من لعنة الله ثم أرسل ، فقال : لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين . ثم دعاها ، فقرأ عليها ، فشهدت أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين ، ثم أمر بها فأمسك على فيها ، وقال : ويحك كل شيء أهون عليك من عذاب الله