الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 6759 ) فصل : فإن قال : عفوت عن الجناية ، وما يحدث منها ، صح عفوه ، ولم يكن له في سرايتها قصاص ولا دية في ظاهر كلام أحمد . وسواء عفا بلفظ العفو أو الوصية ، وممن قال بصحة عفو المجروح عن دمه ; مالك ، وطاوس ، والحسن ، وقتادة ، والأوزاعي . وقال أصحاب الشافعي : إذا قال : عفوت عن الجناية ، وما يحدث منها . ففيه قولان ; أحدهما : أنه وصية ، فيبنى على الوصية للقاتل ، وفيها قولان ; أحدهما : لا يصح ، فتجب دية النفس إلا دية الجرح . والثاني ، يصح ، فإن خرجت من الثلث سقط ، وإلا سقط منها ما خرج من الثلث ، ووجب الباقي . والقول الثاني ، ليس بوصية ; لأنه إسقاط في الحياة ، فلا يصح ، وتلزمه دية النفس إلا دية الجرح .

                                                                                                                                            ولنا ، أنه أسقط حقه بعد انعقاد سببه ، فسقط ، كما لو أسقط الشفعة بعد البيع ، إذا ثبت هذا ، فلا فرق بين أن يخرج من الثلث أو لم يخرج ; لأن موجب العمد القود ، في إحدى الروايتين ، أو أحد شيئين ، في الرواية الأخرى ، فما تعينت الدية ، ولا تعينت الوصية بمال ، ; ولذلك صح العفو من المفلس إلى غير مال . وأما جناية الخطأ ، فإذا عفا عنها وعما يحدث منها ، اعتبر خروجها من الثلث ، سواء عفا بلفظ العفو أو الوصية أو الإبراء أو غيرها ، فإن خرجت من الثلث ، صح عفوه في الجميع ، وإن لم تخرج من الثلث ، سقط عنه من ديتها ما احتمله الثلث . وبهذا قال مالك ، والثوري ، [ ص: 284 ] وأصحاب الرأي . ونحوه قال عمر بن عبد العزيز ، والأوزاعي ، وإسحاق ; لأن الوصية هاهنا بمال .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية