الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 6936 ) فصل : فإن قلع قالع سنه ، فردها صاحبها ، فنبتت في موضعها ، لم تجب ديتها . نص عليه أحمد ، في رواية جعفر بن محمد . وهذا قول أبي بكر وعلى قول القاضي ، تجب ديتها . وهو مذهب الشافعي وقد ذكرنا توجيههما فيما إذا قطع أنفه فرده ، فالتحم ، فعلى قول أبي بكر ، يجب فيها حكومة ; لنقصها إن نقصت ، أو ضعفها إن [ ص: 356 ] ضعفت .

                                                                                                                                            وإن قلعها قالع بعد ذلك وجبت ديتها ; لأنها سن ذات جمال ومنفعة ، فوجبت ديتها ، كما لو لم تنقلع . وعلى قول القاضي ينبني حكمها على وجوب قلعها ، فإن قلنا : يجب قلعها . فلا شيء على قالعها ; لأنه قد أحسن بقلعه ما يجب قلعه ، وإن قلنا : لا يجب قلعها . احتمل أن يؤخذ بديتها ; لما ذكرنا ، واحتمل أن لا يؤخذ بديتها ; لأنه قد وجبت له ديتها مرة ، فلا تجب ثانية ، ولكن فيها حكومة . فأما إن جعل مكانها سنا أخرى ، أو سن حيوان ، أو عظما ، فنبتت ، وجب ديتها ، وجها واحدا ; لأن سنه ذهبت بالكلية ، فوجبت ديتها ، كما لو لم يجعل مكانها شيئا .

                                                                                                                                            وإن قلعت هذه الثانية لم تجب ديتها ; لأنها ليست سنا له ، ولا هي من بدنه ، ولكن يجب فيها حكومة ; لأنها جناية أزالت جماله ومنفعته ، فأشبه ما لو خاط جرحه بخيط ، فالتحم ، فقطع إنسان الخيط ، فانفتح الجرح ، وزال التحامه . ويحتمل أن لا يجب شيء ; لأنه أزال ما ليس من بدنه ، أشبه ما لو قلع الأنف الذهب الذي جعله المجدوع مكان أنفه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية