الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 6292 ) فصل : ولو قذف امرأته وأجنبية أو أجنبيا بكلمتين ، فعليه حدان لهما ، فيخرج من حد الأجنبية بالبينة خاصة ، ومن حد الزوجة بالبينة أو اللعان . وإن قذفهما بكلمة ، فكذلك ، إلا أنه إذا لم يلاعن ، ولم تقم بينة ، فهل يحد لهما حدا واحدا أو حدين ؟ على روايتين : إحداهما ، يحد حدا واحدا . وبه قال أبو حنيفة ، والشافعي في القديم . وزاد أبو حنيفة : سواء كان بكلمة أو بكلمات ; لأنهما حدود من جنس ، فوجب أن تتداخل ، كحدود الزنا . والثانية : إن طالبوا مجتمعين فحد واحد ، وإن طالبوا متفرقين فلكل واحد حد ; لأنهم إذا اجتمعوا في الطلب ، أمكن إيفاؤهم بالحد الواحد ، وإذا تفرقوا لم يمكن جعل الحد الواحد إيفاء لمن لم يطالب ; لأنه لا يجوز إقامة الحد له قبل المطالبة منه .

                                                                                                                                            وقال الشافعي ، في الجديد : يقام لكل واحد حد بكل حال ; لأنها حقوق لآدميين ، فلم تتداخل ، كالديون . ولنا أنه إذا قذفهما بكلمة واحدة يجزئ حد واحد ، أنه يظهر كذبه في قذفه ، وبراءة عرضهما من رميه بحد واحد ، فأجزأ ، كما لو كان القذف لواحد . وإذا قذفهما بكلمتين ، وجب حدان ; لأنهما قذفان لشخصين ، فوجب لكل واحد حد ، كما لو قذف الثاني بعد حد الأول . وهكذا الحكم فيما إذا قذف أجنبيتين أو أجنبيات ، فالتفصيل فيه على ما ذكرناه .

                                                                                                                                            وإن قذف أربع نسائه ، فالحكم في الحد كذلك . وإن أراد اللعان ، فعليه أن يلاعن لكل واحدة لعانا مفردا ، ويبدأ بلعان التي تبدأ بالمطالبة ، فإن طالبن جميعا ، وتشاححن ، بدأ بإحداهن بالقرعة ، وإن لم يتشاححن ، بدأ بلعان من شاء منهن ، ولو بدأ بواحدة منهن من غير قرعة مع المشاحة صح . ويحتمل أن يجزئه لعان واحد ، فيقول : أشهد بالله إني لمن الصادقين فيما رميت به كل واحدة من زوجاتي هؤلاء الأربع من الزنا . وتقول كل واحدة : أشهد بالله إنه لمن الكاذبين فيما رماني به من الزنى . لأنه يحصل المقصود بذلك . والأول أصح ; لأن اللعان أيمان فلا تتداخل لجماعة ، كالأيمان في الديون .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية