الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
معلومات الكتاب

نظرات في مسيرة العمل الإسلامي

عمر عبيد حسنة

الالتزام بالمنهج ضرورة لسلامة الطريق

( وأن هـذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ) (الأنعام: 153)

من الأمور المعلومة من الدين بالضرورة، أن الإسلام هـو الدين الذي ارتضاه الله لعباده، وأنه يمثل الكمال والاكتمال للرسالات السماوية جميعا، قال تعالى:

( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ) (المائدة: 3) ذلك أن الإسلام يمثل مرحلة الرشد الإنساني بعد هـذه الرحلة الطويلة من ميراث النبوة من لدن آدم عليه السلام وحتى الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ، وتحضير الجنس البشري لاستقبال المنهج الأخير..

فرسالة محمد صلى الله عليه وسلم هـي الرسالة الخاتمة، قال تعالى:

( ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين ) (الأحزاب: 40) . ومن طبيعة الرسالة الخاتمة ومن لوازمها أيضا أن تستمر سليمة بعيدة عن التحريف والتأويل والنقص أو الضياع، ومن حق الأجيال المتعاقبة أن تتلقى رسالة السماء كما أنزلت على محمد صلى الله عليه وسلم ، وأن [ ص: 16 ] يكون خطاب التكليف سليما صحيحا في كل حين، حتى يمكن أن تترتب على ذلك -شرعيا ومنطقيا- قضية الثواب والعقاب، أي حتى يتم التكليف وتترتب المسئولية، والله تعالى يقول:

( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا ) (الإسراء: 15) .

فما ذنب المكلفين من المخلوقين وما مدى مسئوليتهم إذا لم يصلهم خطاب التكليف سليما؟ وبالتالي فسوف لا تكون الاستجابة لهذا التكليف صحيحة، إذ السلوك الصحيح لا يعدو أن يكون ثمرة للتصور السليم الذي يتحصل من التلقي السليم للرسالة الصحيحة، التي لم يلحق بها ما لحق بالرسالات السماوية السابقة على يد أصحابها من المغالين وخصومها المعادين، ولئن كان ذلك حصل بالنسبة لرسالات الأنبياء السابقين - ورسالاتهم مرهونة بأزمان محدودة وأقوام معينين ثم يكون تتابع الرسل ومتابعة التصويت - فإن ذلك يستحيل بالنسبة للرسالة الخاتمة.

ومن هـنا كانت كفالة الله للرسالة الخاتمة بالحفظ ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ) (الحجر: 9) . بينما أوكل حفظ الرسالات السماوية السابقة لأهلها ( بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء ) (المائدة: 44)

التالي السابق


الخدمات العلمية