الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
معلومات الكتاب

نظرات في مسيرة العمل الإسلامي

عمر عبيد حسنة

الرشد العقلي

إن شهر القرآن ضمانة للاستمرار في الخير وشيوع مناخه وأجوائه والتدريب عليه والالتزام به، وفرصة للمراجعة والعودة إلى الله.. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

( إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب النار وصفدت الشياطين.. ) ولو حاول أي إنسان أن يترصد ذلك في حياة الناس، وخاصة المسرفين على أنفسهم لوقع على مئات الشواهد والدلالات.

إن الكثير من عمليات التحول عن طريق الشر إلى طريق الخير إنما يكون في هـذا الشهر الكريم، ونسمع كثيرا من العهود والوعود التي يقطعها المذنبون على أنفسهم بأن رمضان هـذا العام سوف يكون المحطة الأخيرة التي يتوقف عندها الإسراف والتقصير والتفريط في جنب الله.. وكثيرون كثيرون هـم الذين يشكل رمضان منعطفا في حياتهم، فهم قبل رمضان غيرهم في رمضان وبعد رمضان.. لقد ( .. فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب النار وصفدت الشياطين ونادى المنادي يا باغي الخير أقبل ويا داعي الشر أدبر.. ) خاصة وأن الله يغفر الذنوب جميعا.

قال تعالى: ( يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا ) (الزمر: 53) .

ولسنا الآن بسبيل أن نتكلم عن أثر الخطأ النفسي في سلوك الإنسان، وعن واقع هـذا الإنسان الذي يعيش طريدا لأخطائه محاطا بها قلقا بها من أثرها النفسي. وما للتوبة التي فتح الله أبوابها أمام الإنسان دائما - وفي رمضان بشكل خاص - من أثر في عملية التجدد النفسي والخلود من الخطيئة التي تنغص الحياة.. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ) ، فلو أنعم الإنسان النظر في الآثار النفسية للتوبة واطمأن إلى قبولها لانقلب من خاطئ معذب النفس مسدود الطريق يعيش عقدة الخطأ التي تورث السلبية والشعور بعدم الصلاحية والتشاؤم إلى إنسان فاعل إيجابي يملأ نفسه الرضى والاطمئنان والتفاؤل والتجدد..

إن الصيام يمكن أن يعتبر إلى حد بعيد من مراحل التحول والمنعطفات الكبيرة [ ص: 169 ] في حياة الأفراد والجماعات.. إنه محطة تغلق عندها أبواب الشر، وتسد منافذ الشيطان على النفس، وتفتح أبواب الخير وترسم طرقه وتستبين سبله. فيتابع الإنسان خطاه صوب المستقبل بما يمنحه رمضان من الطاقات الخيرة.. لذلك نرى بعد أن ذكر الله سبحانه وتعالى آيات الصيام عقب عليها بقوله:

( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون ) (البقرة: 186) .. إنه الرشد العقلي والكمال النفسي الذي يحققه الصيام.

التالي السابق


الخدمات العلمية