الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
معلومات الكتاب

نظرات في مسيرة العمل الإسلامي

عمر عبيد حسنة

الصليبيون الجدد.. وجيل التحرير

إن من الواضح أن الأوضاع التي تحيط بالعالم العربي اليوم تجعلنا نشعر بأننا في وضع أقرب ما يكون إلى الوضع الذي سبق الحملة الصليبية الأولى منذ ثمانية قرون، الأمر الذي يتطلب دراسة الحركة الصليبية دراسة علمية دقيقة، وتحديد عوامل النهوض التي قادت الأمة إلى النصر، وشروط النصر التي تحققت بعد أن كادت تطمس الهوية الإسلامية لهذه البلاد خلال ثمانية أجيال، أي ما يقارب القرنين من الزمان، غاب فيها الإسلام، وأقيمت الجيوب الطائفية، ودعمت وأثيرت الأقليات الدينية، واستيقظت النزعات الإقليمية والباطنية التي ما نزال نعاني من آثارها حتى اليوم، والتي ما تزال الصهيونية تغذيها وتقف إلى جوارها بشكل ظاهر أو خفي (نحن جزء من العالم العربي، ولكننا في الوقت نفسه منفصلون عن هـذا العالم لأن جزءا كبيرا من هـويتنا جاء من أصول أوروبية غربية)

(كميل شمعون: التايم الأمريكية (5) مارس [آذار]: 1984م) إن مستقبلنا ومصيرنا مرتبطان بحجم التعاون المشترك مع إسرائيل) (الجميل: المصدر السابق نفسه) .

لقد مرت بالأمة المسلمة فترات ضعف مكنت العدو من التغلب عليها والسيطرة على أرضها، لكن بقاء الانتماء للإسلام حال دون ذوبانها في فترات ضعفها، كما أسلفنا، والأمة المسلمة تاريخيا: كلما حققت الالتزام بالإسلام مع الانتماء إليه أمكنها من رد عدوها ونشر حضارتها، وقد أدرك خصومها ذلك، فكان لا بد من سلخها عن إسلامها لضمان استمرارية غلبة الأعداء عليها؛ والأمر الذي أصبح واضحا: أن عملية الاسترداد للأراضي الإسلامية التي قام بها صلاح الدين الأيوبي - رحمه الله - بعد القضاء على واقع التجزئة والتمزق والتناحر والدويلات التي كانت تملأ عالم المسلمين، سبقها بناء جيل، هـو جيل التحرير، استطاع بواسطته صلاح الدين أن يحرر القدس وغيرها من بلاد المسلمين من الصليبيين، وأننا مهما حاولنا استدعاء صلاح الدين دون إمكانية تربية جيل التحرير فلن نظفر بنتيجة.

ومن الأمور المضحكة المبكية أن يقرأ تاريخنا بروح إقليمية عنصرية، ويقزم أبطالنا تحت رايات جاهلية من قبل جيل الاستعمار فيحكم على صلاح الدين [ ص: 152 ] بأنه كردي يجب أن يخرج من تاريخنا، في الوقت الذي يهتم فيه يهود بقراءة تاريخنا الإسلامي ومعرفته ليتمكنوا من خلاله الإحاطة بنقاط الضعف والقوة مما يسهل لهم تحقيق ما يريدون، يقول موسى ليفي رئيس أركان جيش العدو، وهو من أصل (عربي) حصلت على دبلوم في التاريخ الإسلامي لأعرف كيف أحارب المسلمين وأنتصر عليهم!! (من دراسة أعدتها أورينت برس نشرتها جريدة الوطن الكويتية - 1984م) .

التالي السابق


الخدمات العلمية