الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
معلومات الكتاب

نظرات في مسيرة العمل الإسلامي

عمر عبيد حسنة

ألا هـل بلغت اللهم أشهد

( .. فليبلغ الشاهد الغائب.. فرب مبلغ أوعى من سامع ) [حديث شريف ]

لا شك أن العبادات، بما فيها الحج، هـي أشبه ما تكون بمحطات يتزود فيها المسلم بطاقات تضمن له ديمومة تغلب دوافع الخير على نوازع الشر، وهي وسائل لتحقيق الخضوع والعبودية لله تعالى، وبناء المسلم ذي السلوك المتميز الذي ينتقل بالعبادة من موقع يعاني الضعف والهبوط البشري إلى موقع صاعد في مجال السمو والارتقاء، فهو بعد العبادة إنسان آخر، وإذا لم يتحصل ذلك فالعبادة لم تتحقق غايتها ولم تؤت ثمرتها، ولم يحسن الإنسان الانتفاع بها، فمن لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر فليس له منها إلا القيام والقعود؛ ومن لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه؛ ومن كانت هـجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هـاجر إليه.. و ( الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج ) (البقرة: 197) ؛

ولا شك أن لكل عبادة من العبادات مدلولها وأثرها في بناء الفرد المسلم وصناعة سلوكه وإلا لاكتفى بعبادة واحدة، ولاكتفى من العبادة الواحدة بنسك واحد، فالصلاة وقوف بين يدي الله، واستشعار للمراقبة والمسئولية في زحمة [ ص: 191 ] الممارسات اليومية، وما يمكن أن يكون من الغفلة والجنوح.. والزكاة وقاية من نزعة الشح التي تتلبس نفوس الأغنياء فتحملهم على الاستغناء وكفران النعمة، وتنتهي إلى الصراع الاجتماعي وإنهاك المجتمع، وانعدام التكافل الاجتماعي.. والحج معايشة لقضية التوحيد، وترسم خطا النبوة، وحياة في مهبط الوحي، ولو مرة في العمر، ونقل للتاريخ من الوراء، من الماضي، إلى الأمام ليصبح الحاضر المشاهد، وتكون الممارسة العملية.

وكثيرون في عالمنا الآن الذين يحاولون ممارسة المعاناة نفسها التي عاشها الزعماء والمصلحون الذين استطاعوا تحقيق النقلة، وتغيير المجتمعات، وإعادة صيانة الإنسان.. ونسمع كثيرا عن الذين يحاولون استعادة التاريخ، وخاصة منعطفاته الكبرى، فيصمم بعض الأوروبيين على السير في طريق الحملات الصليبية وبالوسائل نفسها، وتتبع درب المسيح، وتقمص الشخصيات التاريخية..

التالي السابق


الخدمات العلمية