الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
معلومات الكتاب

نظرات في مسيرة العمل الإسلامي

عمر عبيد حسنة

توقف عمليات النصح والتقويم

ولا بد لنا أن نعترف أيضا أن كثيرا من العاملين للإسلام اليوم ليسوا بمنأى عن الإصابة بالأمراض والعلل التي أصابت مجتمعاتهم المختلفة، فهم قد يتميزون عن غيرهم بفكرهم وعقيدتهم لكنهم يشاركون مجتمعاتهم بممارساتهم وأعمالهم إلى حد بعيد.. لذلك ونتيجة للسقوط تحت وطأة وضغط هـذه المجتمعات أقفلت مجالات الحوار التي شرعها الإسلام، وتوقفت عمليات المناصحة والنقد والدراسة والتقويم بالحجم والقدر المطلوب، وسادت عمليات التبرير والإطراء والمديح، فتكرست الأخطاء، وافتقدنا الصواب والتصويب - مسئولية كل مسلم - وقد أشرنا سابقا إلى توقف عملية الرقابة العامةـ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر - باسم الخوف على الصف الإسلامي من التخلخل وحدوث [ ص: 44 ] التشويش نوع من التوهم.. فالخوف إنما يكون من استمرار المعاصي والأخطاء وليس في معالجتها ليصبح العمل سليما معافى، خاصة وأن تجربة الرقابة العامة في المجتمع الإسلامي القدوة غنية أيما غنى..

ولا شك عندنا أن كثيرا من الإخوة، الذين تحفزهم الغيرة على المصلحة الإسلامية، والإخلاص للعمل الإسلامي لا يرون أن تتم عمليات النقد والمناصحة للعمل الجماعي بشكل ظاهر واضح بحجة أن ذلك يمكن أن يمكن العدو من معرفة عيوب العمل الإسلامي وأخطائه وتقصيره، وبالتالي يحاول التسلل إليه من هـذه الفتوق، ويشتد في إنهاكه والغارة عليه، في الوقت الذي نرى من شراسته وعدوانه ما لم يدع استزادة المستزيد، فيخشى والحالة هـذه أن تنقلب عمليات النقد والمناصحة إلى مساهمة سلبية في إنهاك العمل.. وتختلط في ذهنهم طرائق مناصحة الفرد لتصويب بعض أخطائه والتي يجب أن تتم في إطاره وإلا خرجت إلى لون من التشهير، وطرائق مناصحة الجماعات ذات التوجه العام والقاعدة العريضة المتباعدة، حيث يجب أن تتم مناصحة الجماعات على شكل معلن لتأتي عامة فيراها الجميع وتكون ملكا لهم..

ونحب أن نوضح لهؤلاء الإخوة أن الأعداء الذين نالوا منا ما نالوا أعرف بأخطائنا منا، لأنهم كانوا ولا يزالون يتسللون من خلالها، ويحققون إصاباتهم من قبلها، ويستميتون في تكريسها واستمرارها وعدم قدرتنا على إبصارها، وتخويفنا من معالجتها، والواقع الذي لا نحسد عليه دليل ما نحن بصدده، فأعداء الإسلام يعرفون أخطاءنا وتقصيرنا، والذي لا يعرفها أو لا يحب أن يعترف بها هـو فقط نحن، لأننا مصرون عليها، عاجزون عن معالجتها وتجاوزها، وقد تكون كتابات الأعداء ووثائقهم التي يفرج عنها مصدرا لمعرفتنا بها في كثير من الأحيان لكن بعد فوات الأوان.. [ ص: 45 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية