الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
معلومات الكتاب

نظرات في مسيرة العمل الإسلامي

عمر عبيد حسنة

حل المعادلة الصعبة بين العلم والدين

ولعل من الإنجازات الكبيرة على المستوى الفكري: استطاعت الدعوة الإسلامية حل المعادلة الصعبة التي توهمتها الجماهير المسلمة بين العلم والدين حتى كادت تسقط في فرية أن العلم من لوازم الإلحاد، ذلك أن البعثات التي تمت تحت رقابة الاستعمار، أو ضمن مناخه اختيرت غالبا من المارقين والمترفين، ومن البيوتات المفتونة بالحضارة الغربية المادية إلا من رحم الله، ليعودوا إلى قيادة المجتمع ويبرهنوا عمليا أنهم إنما وصلوا إلى ما وصلوا إليه من الحصول على الشهادات والمراتب العلمية بسبب انفصالهم عن الدين.. فقدمت الدعوة الإسلامية نماذج إسلامية رفيعة على أرقى ما يكون الانتماء والالتزام، وجاءت في الوقت نفسه على أرقى المستويات في التخصص العلمي.

ولسنا الآن بسبيل أن نعرض لحصاد الدعوة الإسلامية خلال نصف قرن من تفويت لأغراض الاستعمار وإفساد لمخططاته، وحسبنا في ذلك الهجوم الشرس ومحاولات التصفية الجسدية التي توقع على المسلمين من أعداء الإسلام بعد أن سقطوا فكريا وحضاريا ووطنيا، ولم يبق أمامهم إلا اللجوء إلى القوة والعضلات، شأنهم في ذلك شأن أسلافهم في مواجهة النبوة الذي قصه علينا الله تعالى في عديد من آياته: ( حرقوه وانصروا آلهتكم ) (الأنبياء: 68) ( وقال الذين كفروا لرسلهم لنخرجنكم من أرضنا أو لتعودن في ملتنا ) (إبراهيم: 13) .

إن الدعوة الإسلامية استطاعت أن تقدم هـذا الرصيد، رغم عمليات المطاردة والمحاصرة وعدم إعطائها الفرصة والحرية لإثبات وجودها والبرهنة على قدرة الإسلام على حل مشكلات الأمة.. وقد أشرنا بأنه لا يعنينا هـنا أن نعرض لحصاد الدعوة الإسلامية خلال نصف قرن إنما الذي يعنينا ما يمكن أن [ ص: 55 ] نهتدي إليه من عيوب - " رحم الله امرأ أهدى إلي عيوبي " - يأتي التنبه إليها مسددا للعمل وآخذا بيده إلى سبيل الرشاد، وتكاد تكون المشكلة المطروحة الآن على العاملين للإسلام، وعلى القيادات الإسلامية بشكل خاص، أو القضية المطلوبة الآن بعد أن آمنت الجماهير بالإسلام وتوجهت صوب مبادئه من جديد، بعد أن آمنت به مبادئ عامة ومثلا وقيما ثابتة، وبدأت رحلة العودة وتجديد الانتماء، فهل يعني هـذا أن العمل الإسلامي أدى مهمته؟

التالي السابق


الخدمات العلمية