الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
معلومات الكتاب

نظرات في مسيرة العمل الإسلامي

عمر عبيد حسنة

حتى لا نهزم حضاريا

( ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين ) (آل عمران: 139)

الموضوع الذي نريد أن نعرض له ليس أمرا منقطعا عما سبق من المعالجات في إطار ما أسميناه (المشكلة الثقافية) التي نعاني من آثارها على كل المستويات، بل لعله في صميم القضية التي نتحدث عنها، وإن كان يشكل الوجه الآخر لها، وقد يكون الأكبر بروزا وإلحاحا الآن.

وكان مما ألمحنا إليه في أكثر من مناسبة: أن العالم الإسلامي على الرغم من الكوارث والنكبات والنكسات التي حلت به تاريخيا، وما رافقها من وسائل التدمير والهمجية، بقي قادرا على الاحتفاظ بانتمائه للإسلام، موقنا بأنه الطريق الوحيد للوصول إلى تحقيق الأهداف ومواجهة الاحتلال على كل الأصعدة وإن كان قد افتقد في بعض الأحيان التزامه بالإسلام فأفقده ذلك القدرة على الصمود والمواجهة العسكرية؛ وكان هـذا الانتماء دائما مرتكز القادة والمفكرين والمصلحين ودعاة التجديد وحاملي لواء التحرير، وما أن عاد [ ص: 183 ] الإسلام للأمة، أو عادت للإسلام بفاعلية والتزام حتى كان درعها الواقية، وحربتها النافذة، واستطاعت به أن تقف أمام العسكر المغولي والغزو الصليبي - الذي كان قادرا على أن يهزمها عسكريا ويحتل أرضها - لكنه ظل عاجزا عن أن يلحق بها الانتكاسة النفسية والهزيمة الحضارية، وكثيرة هـي البلاد الإسلامية التي هـزمت سياسيا، واحتلت عسكريا، وبقي لها الإسلام علما وحضارة وثقافة وانتماء، الأمر الذي مكن لها من الصمود، وأعانها على النهوض والمواجهة من جديد.

وكانت هـذه القضية موضع دراسة وتفكير وتحليل لاكتشاف مكامن القوة الحقيقية التي ترتكز عليها الأمة الإسلامية، وكان لا بد من إيجاد وسائل جديدة باستمرار بعد استبانة خطأ وعجز كل الوسائل السابقة، ولقد اعترف كثير من المفكرين والباحثين في مكونات الأمم، وأسباب نهوضها وسقوطها، والقوانين التي تنتظم الدورات الحضارية، أن حساباتهم لم تنطبق على الإسلام كدين له ثقافته وحضارته، والمسلمين كأمة تنتمي له سواء التزمت به، أو ضعف التزامها به، ولا يزال هـذا الأمر محيرا، والحسابات له تفاجأ بكثير من الخطأ، ابتداء من العصر الأول، وانتهاء بالواقع الحالي..

فعمر بن الخطاب رضي الله عنه ، الذي ذهب غاضبا لقتل أخته وصهره اللذين أسلما، عاد من رحلته مسلما، أعز الله به الإسلام، وتحدى الشرك والمشركين..

التالي السابق


الخدمات العلمية