الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
معلومات الكتاب

نظرات في مسيرة العمل الإسلامي

عمر عبيد حسنة

أهمية الرقابة العامة

هذا وقد تختلط قضية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والمناصحة في بعض الأذهان اختلاطا يكون من تلبيسات الشيطان، فتوهم أنها تتعارض مع مصلحة الإسلام أو جماعات المسلمين في عصر من العصور.. فيسود الإرهاب الفكري ويضمن الشيطان استمرار الانحراف ومتابعة الانزلاق.

ولو أخذ المسلمون في اعتبارهم في الماضي أن حسبة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تؤدي إلى إحداث تشويش أو اضطراب في الصفوف، وكفوا عن التنبيه عن الزلل والخطأ باسم وحدة الصف أو وحدة الأمة، لانقطع المؤشر الحيوي، وهذا الضابط اللازم لكشف التيارات البعيدة عن هـذا الدين باسم الدين، واختفاء كثير من الحقائق الإسلامية عن ساحة التصور الإسلامي السليم والثقافة الإسلامية الرشيدة.. [ ص: 126 ] إن التستر على الأخطاء باسم المصلحة العامة وحفظ الكيان، والتوهم بأن النصيحة لأئمة المسلمين وعامتهم تودي إلى البلبلة والتمزق أمر خطير، وتكون محلا للعن الذي قصه الله على لسان الأنبياء لبني إسرائيل.. قال تعالى: ( لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون * كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون ) (المائدة: 78-79) .

لذلك يبقى تصويب الخطوة وصوابها هـو الأصل في نظرنا، وذلك مهما كانت مساحتها محدودة، وسيرها بطيئا أن نكون على المحجة البيضاء النقية، ونستفرغ جهدنا في الإعداد والاستعداد، والبذل والعطاء، مستشعرين الأبعاد الإيمانية والأخلاقية لحركتنا وسيرنا وسلوكنا، أمناء على انتقال القيم الإسلامية صافية سليمة للجيل القادم، فقد يستبطئ بعضنا ثمرات الصواب ويقتضيه الاستعجال السير بخطوات عريضة، وقد يتجاوز بعض الحواجز الإسلامية، ويتساهل ببعض الضوابط الأخلاقية الإيمانية بوفرة النتائج وتحقيق المصلحة ودرء المفسدة وارتكاب أخف الضررين، ويظن في بعض المراحل أنه قادر على ذلك فيدع المركب السهل المشروع إلى المركب الصعب غير المأمون..

وبعد: فهل نصغي من جديد إلى قول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( الدين النصيحة، قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم ) ..

وقد يكون المطلوب الآن وأكثر من أي وقت مضى: العودة إلى تجديد الفهم للإسلام، واستبدال الممارسة للحياة الإسلامية..

[ربيع الآخر: 1403 هـ - كانون الثاني (يناير) : 1983م] [ ص: 127 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية