قال ( ويكره إذا كان ذلك في بلد يضر الاحتكار بأهله وكذلك التلقي . فأما إذا كان لا يضر فلا بأس به ) والأصل فيه قوله عليه الصلاة والسلام { الاحتكار في أقوات الآدميين والبهائم } ولأنه تعلق به حق العامة ، وفي الامتناع عن البيع إبطال حقهم وتضييق الأمر عليهم فيكره إذا كان يضر بهم ذلك بأن كانت البلدة صغيرة ، بخلاف ما إذا لم يضر بأن كان المصر كبيرا ; لأنه حابس ملكه من غير إضرار بغيره ، وكذلك التلقي على هذا التفصيل ; لأن { الجالب مرزوق والمحتكر ملعون } . قالوا هذا إذا لم يلبس المتلقي على التجار سعر البلدة . فإن لبس فهو مكروه في الوجهين ; لأنه غادر بهم . النبي عليه الصلاة والسلام نهى عن تلقي الجلب وعن تلقي الركبان
وتخصيص الاحتكار بالأقوات كالحنطة والشعير والتبن والقت قول رحمه الله ، وقال أبي حنيفة رحمه الله كل ما أضر بالعامة حبسه فهو احتكار وإن كان ذهبا أو فضة أو ثوبا . وعن أبو يوسف رحمه الله أنه قال : لا احتكار في الثياب ; محمد اعتبر حقيقة الضرر إذ هو المؤثر في الكراهة ، فأبو يوسف اعتبر الضرر المعهود المتعارف . ثم المدة إذا قصرت لا يكون احتكارا لعدم الضرر ، وإذا طالت يكون احتكارا مكروها لتحقق الضرر . ثم قيل : هي مقدرة بأربعين يوما لقوله عليه الصلاة والسلام { وأبو حنيفة } وقيل بالشهر ; لأن ما دونه قليل عاجل ، والشهر وما فوقه كثير آجل ، وقد مر في غير موضع ، ويقع التفاوت في المأثم بين أن يتربص العزة وبين أن يتربص القحط والعياذ بالله ، وقيل المدة للمعاقبة في الدنيا إما يأثم وإن قلت المدة . والحاصل أن التجارة في الطعام غير محمودة . من احتكر طعاما أربعين ليلة فقد برئ من الله وبرئ الله منه