( 5243 ) قال : فسخ النكاحان وجملة ذلك أنه إذا جهل الأول منهما ، فلا فرق بين أن لا يعلم كيفية وقوعهما ، أو يعلم أن أحدهما قبل الآخر لا بعينه ، أو يعلم بعينه ثم يشك ، فالحكم في جميعها واحد ، وهو أن يفسخ الحاكم النكاحين جميعا . نص عليه فإن جهل الأول منهما ، في رواية الجماعة ، ثم تتزوج من شاءت منهما أو من غيرهما . وهذا قول أحمد ، أبي حنيفة وعن ومالك رواية أخرى ، أنه يقرع بينهما ، فمن تقع له القرعة أمر صاحبه بالطلاق . أحمد
ثم يجدد القارع نكاحه ، فإن كانت زوجته ، لم يضره تجديد النكاح شيئا ، وإن كانت زوجة الآخر ، بانت منه بطلاقه ، وصارت زوجة هذا بعقده الثاني ; لأن القرعة تدخل بتميز الحقوق عند التساوي ، كالسفر بإحدى نسائه ، والبداءة بالمبيت عند إحداهن ، وتعيين الأنصباء في القسمة .
وقال الثوري : يجبرهما السلطان على أن يطلق كل واحد منهما طلقة ، فإن أبيا فرق بينهما . وهذا قريب من قولنا الأول ; لأنه تعذر إمضاء العقد الصحيح ، فوجب إزالة الضرر بالتفريق . وقال وأبو ثور ، الشافعي النكاح مفسوخ ; لأنه تعذر إمضاؤه وابن المنذر :
وهذا لا يصح ، فإن العقد الصحيح لا يبطل بمجرد إشكاله ، كما لو [ ص: 47 ] اختلف المتبايعان في قدر الثمن ، فإن العقد لا يزول إلا بفسخه ، كذا هاهنا . وقد روي عن ، شريح ، وعمر بن عبد العزيز : أنها تخير ، فأيهما اختارته فهو زوجها . وهذا غير صحيح ، فإن أحدهما ليس بزوج لها ، فلم تخير بينهما ، كما لو لم يعقد إلا أحدهما ، أو كما لو أشكل على الرجل امرأته في النساء ، أو على المرأة زوجها ، إلا أن يريدوا بقولهم أنها إذا اختارت أحدهما ، فرق بينها وبين الآخر ، ثم عقد المختار نكاحها وحماد بن أبي سليمان
فهذا حسن ، فإنه يستغنى بالتفريق بينها وبين أحدهما ، عن التفريق بينها وبينهما جميعا ، وبفسخ أحد النكاحين عن فسخهما . فإن أبت أن تختار ، لم تجبر . وكذلك ينبغي أنه إذا أقرع بينهما ، فوقعت القرعة لأحدهما ، لم تجبر على نكاحه ; لأنه لا يعلم أنه زوجها ، فيتعين إذا فسخ النكاحين ، ولها أن تتزوج من شاءت منهما أو من غيرهما في الحال ، إن كان قبل الدخول ، وإن كان أحدهما دخل بها ، لم تنكح حتى تنقضي عدتها من وطئه .