الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 6236 ) فصل : فأما الأخرس والخرساء ; فإن كانا غير معلومي الإشارة والكتابة ، فهما كالمجنونين فيما ذكرناه ; لأنه لا يتصور منهما لعان ، ولا يعلم من الزوج قذف ، ولا من المرأة مطالبة . وإن كانا معلومي الإشارة والكتابة ، فقد قال أحمد ; إذا كانت المرأة خرساء لم تلاعن ; لأنه لا تعلم مطالبتها . وحكاه ابن المنذر عن أحمد ، وأبي عبيد ، وإسحاق ، وأصحاب الرأي . وكذلك ينبغي أن يكون في الأخرس ; وذلك لأن اللعان لفظ يفتقر إلى الشهادة ، فلم يصح من الأخرس ، كالشهادة الحقيقية ، ولأن الحد يدرأ بالشبهات ، والإشارة ليست صريحة كالنطق ، فلا تخلو من احتمال وتردد ، فلا يجب الحد بها ، كما لا يجب على أجنبي بشهادته . وقال القاضي ، وأبو الخطاب : هو كالناطق في قذفه ولعانه .

                                                                                                                                            وهو مذهب الشافعي ; لأنه يصح طلاقه ، فصح قذفه ولعانه ، كالناطق ، ويفارق الشهادة ; لأنه يمكن حصولها من غيره ، فلم تدع الحاجة إلى الأخرس ، وفي اللعان لا يحصل إلا منه ، فدعت الحاجة إلى قبوله منه ، كالطلاق . والأول أحسن ; لأن موجب القذف وجوب الحد ، وهو يدرأ بالشبهات ، ومقصود اللعان الأصلي نفي النسب ، وهو يثبت بالإمكان ، مع ظهور انتفائه ، فلا ينبغي أن يشرع ما ينفيه ، ولا ما يوجب الحد مع الشبهة العظيمة ، ولذلك لم تقبل شهادته . وقولهم : إن الشهادة تحصل من غيره . قلنا : قد لا تحصل إلا منه ; لاختصاصه برؤية المشهود به ، أو سماعه إياه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية