ص ( ونجز كلو جئت قضيتك ) إن علق بماض ممتنع عقلا أو عادة أو شرعا أو جائز
ش : قول المصنف أو جائز معطوف [ ص: 67 ] على قوله : ممتنع وظاهر كلام المصنف أنه يحنث في الممتنع في الشرع ولو كان قادرا عليه ولو قصد المبالغة وهو كذلك لأن غاية ما يقصد بالمبالغة أمر جائز والمشهور أنه إذا علقه على أمر ماض جائز يحنث ، قال ابن ناجي : وهو ظاهر المدونة خلافا لابن بشير فيهما ، انتهى . يعني في القادر على الفعل وفي قاصد المبالغة وذلك ; لأنه لو كان قادرا على فعله فيما مضى فهو الآن مشكوك في وقوعه لجواز مانع أو تبدل إرادته كذا علله ابن عرفة ، وقال صاحب الجواهر تبعا لابن بشير إذا علق الطلاق بممتنع عادة وقصد المبالغة لم يحنث والعجب من صاحب الشامل كيف جعل الأصح أنه لا يحنث إذا قصد المبالغة في جائز وجعل الأصح في الجائز الحنث فتأمله ، والله أعلم . وأما إذا حلف على أمر ماض واجب ، فقال ابن ناجي : ظاهر الكتاب أنه لا يحنث ، قال : وهو كذلك باتفاق وصرح به ابن عبد السلام عن بعض المتأخرين وهو خلاف قول لو حلف لغريمه لو جئتني أمس قضيتك حقك هو حانث ; لأنه غيب لا يدري أكان فاعلا أم لا ، انتهى . وما ذكره من الاتفاق خلاف قول أصبغ سبقه إليه أصبغ ابن عرفة ، وقال : لا أعرفه إلا من نقله ، وقول فيما يأتي في إن صليت ، انتهى . يعني أنه لا يعرف الاتفاق إلا من نقل ابن الحاجب ابن عبد السلام ثم قال ابن عرفة : هذا إن أراد ناقل الاتفاق الوجوب الشرعي ولو أراد العادم لصح الاتفاق فيما أظن كقوله امرأته طالق لو لقيني أمس أسد لفررت منه ، انتهى .
وما شهره المصنف من الحنث في الجائز ، قال تبعا ابن الحاجب لابن شاس هو قول ابن القاسم ، قال القرافي : وهو خلاف نقل الصقلي عن ابن القاسم أنه إن أمكن الفعل شرعا لم يحنث وإلا حنث وخلاف ظاهر الكتاب ، قال ومالك القرافي : فيحتمل أن يكون سهوا أو ظفر بنقل غريب وترك الجادة وعلى التقديرين فهو رديء ، انتهى من ابن عرفة بعضه باللفظ وبعضه بالمعنى وحاصل كلام المؤلف أنه إذا علقه بماض ممتنع أو جائز حنث وهذا القول حكاه في البيان في كتاب الأيمان بالطلاق في رسم طلق بن حبيب من سماع ابن القاسم في مسألة من قال لمن نازعه وجبذ ثوبه لا تشقه امرأته طالق لو شققته لشققت جوفك عن في الواضحة وحكي مقابله عدم الحنث مطلقا عن أصبغ في هذه المسألة والثالث التفصيل بين ما يجوز فعله فلا يحنث أو ما لا يجوز فعله فيحنث وهو قول مالك في رواية مالك ابن الماجشون عنه في الواضحة ودليل قوله في كتاب الأيمان بالطلاق من المدونة في مسألة الذي حلف لو كان حاضرا لفقأ عين الذي يشتم أخاه أنه حانث وحكى الثلاثة الأقوال ابن عرفة عن ابن رشد ، وقال شيخنا سيدي أحمد بن عبد الغفار : قول المصنف ونجز إن علق بماض ممتنع إلى قوله كلو جئت قضيتك . ظاهره أن الطلاق في هذه الصور معلق على جواب لو ولا يخفى أنه ليس كذلك لأن جواب لو في هذه الصور كلها أعني الممتنع بأقسامه والجائز ليس بمعلق عليه شيء أصلا لا طلاق ولا غيره بل هو نفسه معلق عن الشرط كما هو قاعدة في أدوات الشرط وقول القائل الطلاق يلزمني لو كان كذا لكان كذا إنما هو حالف بالطلاق على صدق هذا التعليق المستفاد من الشرطية كأنه يقول الطلاق يلزمني ، هذه الملازمة صادقة ولذلك عبر ابن عرفة عن هذه المسألة بقوله لو حلف به على فعل مرتب على فرض ماض لم يقع ففي حنثه ثالثها إن كان فعله ممنوعا ، انتهى .
( فإن قلت ) فعلى هذا لا تكون المسألة مما علق فيه الطلاق أصلا فلا شيء ذكرها ابن عرفة وغيره في باب التعليق ( قلت ) الحلف بالطلاق مطلقا ينحل من حيث المعنى إلى التعليق فكأنه في هذه المسائل يقول إن كانت الملازمة غير صادقة فامرأته طالق فالطلاق في الحقيقة معلق على عدم صدق الملازمة فجعله معلقا على حال الشرطية المصرح بها في النص فيه مسامحة ، والله أعلم . انتهى . كلام سيدي أحمد بن عبد الغفار [ ص: 68 ] فرع ) قال ابن رشد في شرح المسألة المذكورة : لو لم يختلف في أنه لا شيء عليه إن لم يشق الثوب ولا في أنه يعجل عليه الطلاق إن شقه ولا يمكن من أن يشق كبده ، انتهى . حلف بالطلاق أن يشق كبده إن شق ثوبه في المستقبل
( تنبيه ) قال في الشامل : وهل تعليقه مكروه أو ممنوع ويؤدب فاعله خلاف ، انتهى . يعني تعليق الطلاق ، والله أعلم .