الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                            مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

                                                                                                                            الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص ( ، وشاة ، واستثناء أربعة أرطال )

                                                                                                                            ش : هذه المسألة تشبه المعلوم جملة ، والمجهول تفصيلا لكن باعتبار المثمن وقد تقدم أنه لا يجوز بيع رطل من شاة قبل سلخها لكن أجاز مالك هذه على وجه الاستثناء بشرط اليسارة ، وإلى هذا رجع مالك ، وما ذكره من التحديد بأربعة أرطال هو الذي في أكثر روايات المدونة ، وفي رواية ابن وضاح ثلاثة أرطال ، وعن ابن المواز جواز الخمسة والستة ، وفي بعض الروايات جواز استثناء قدر الثلث ، وعليه حمل أبو الحسن المدونة فقال : في قولها وإن استثنى من لحمها أرطالا يسيرة ثلاثة أو أربعة جاز الشيخ يعني أو خمسة أو ستة أو أكثر ما لم يبلغ الثلث يدل عليه قوله بعد ، ولم يبلغ به مالك الثلث ا هـ .

                                                                                                                            ثم قال في قولها ثم رجع فقال : لا بأس به في الأرطال اليسيرة مثل الثلث فأدنى عياض كذا هي [ ص: 282 ] بضم الثاء الأولى في روايتنا ، وفي كثير من النسخ ، وهو ظاهر مراده لقوله أو دون ذلك وقاله أشهب ، وعند ابن وضاح مكان الثلث الثلاثة ا هـ . وظاهر كلام المصنف أن هذا خاص بالشاة ، ولم يبين مقدار ما يستثنى من البقرة والناقة ، ولما ذكر ابن عرفة الخلاف في الشاة قال : واستحسن بعض المتأخرين اعتبار قدر صغر المبيع ، وكبره كالشاة ، والبقرة والبعير ا هـ . قلت : أما على ما حمل عليه أبو الحسن المدونة فلا شك أن ثلث كل بحسبه ، وينبغي أن يعتبر ذلك على غيره من الأقوال ( فرع ) : قال في المدونة : ولا يجوز أن يستثنى الفخذ أو البطن أو الكبد قال ابن عرفة : قال اللخمي : هذا على منع استثناء الأرطال اليسيرة ، وعلى الجواز يجوز ، وتبعه المازري ، ونقله عياض ، ولم يتعقبه قال ابن عرفة : ويرد بأن الغرر في معين أشد منه في شائع لجواز اختصاص المعين بصفة كمال أو نقص دون الشائع لكن في الكافي رواية بالجواز ، وعبر عن رواية المنع بالكراهة ا هـ . قلت : ما ذكره عن اللخمي والمازري وعياض قاله ابن يونس ، وما رد به ابن عرفة عليهم ظاهر ، ومذهب المدونة المنع فلا يجوز استثناء عضو معين من الحيوان ، والله أعلم .

                                                                                                                            ( فرع ) : قال في المدونة ، ولا بأس باستثناء الصوف ، والشعر قال ابن يونس لا خلاف أنه جائز قال أبو الحسن قال اللخمي إذا كان يجز إلى يومين أو ثلاثة ، وانظر إذا اختلف البائع والمشتري في الموضع الذي يأخذ منه الأرطال المستثناة من الشاة ، والظاهر أنه يجرى على السلم

                                                                                                                            ص ( ولا يأخذ لحم غيرها )

                                                                                                                            ش : يعني إذا اصطلحا على أن يعطي المشتري للبائع لحما عوضا عن الأرطال المستثناة لم يجز ذلك هكذا ذكر ابن يونس عن ابن المواز عن أشهب قال ابن عرفة : لأنه بيع لحم بحيوان ، وقال ابن الحاجب : ولا يأخذ منه لحما على الأصح ، وأنكر ابن عرفة عليه مقابل الأصح فقال ومقابل الأصح قول ابن الحاجب ، ولا يأخذ منه لحما لا أعرفه ، وقرره ابن عبد السلام برواية مطرف لا يتم ; لأنها في المرض لا مطلقا وصحته كفوته قلت : يشير إلى ما رواه مطرف عن مالك فيمن اشترى جزورا مريضة واستثنى البائع من لحمها أرطالا يسيرة فتركها حتى صحت أنه لا يجبر على ذبحها ، ويعطيه مثل اللحم الذي استثنى قال ابن عرفة : واعتذر المازري بأن صحته كفوته ، ونقل في التوضيح هذه الرواية ، وزاد أنه إذا ماتت فهو ضامن لما استثنى عليها منها ، وإن صحت فعليه شراء ما استثنى عليه أو قيمته ، ولا يجبر على الذبح ; لأنه كان ضامنا لما استثنى عليه ( فرع ) : اختلف هل للبائع أن يبيع ما استثناه بغير اللحم أو بلحم غير ذوات الأربع ؟ حكى في التوضيح فيه قولين بناهما على أن المستثنى مبقى أو مشترى ونقلهما في الكبير ، وحكاهما ابن عبد السلام إجراء على القولين فيمن باع صبرة ، واستثنى منها كيلا فهل يجوز له بيع ما استثناه بناء على أن المشترى مبقى أو لا يجوز له بيعه بناء على أنه مشترى فيدخله بيع الطعام قبل قبضه ؟ قلت : وفي إجراء القولين في مسألة الشاة نظر ; لأنا ، وإن قلنا إن المستثنى مبقى فلا يجوز له هنا بيع الأرطال ; لأنه تقدم أنه لا يجوز بيع رطل من شاة فالصواب المنع هنا ، وبهذا يظهر لك ، وجه منع أخذ لحم غيرها فتأمله والله أعلم .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية