الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص ( وبسكتين إلى أجل كشرائه لأجل بمحمدية ما باع بيزيدية )

                                                                                                                            ش : قد تقدم أن الكلام أولا فيما إذا اتفق الثمنان من كل وجه ثم ذكر هنا ما إذا اختلفا في السكة فذكر أنه إن تأجل الثمنان منع مطلقا وذلك شامل لثمان عشرة صورة ; لأن الثمن الثاني إما مؤجل لأجل دون الأجل أو للأجل نفسه أو لأبعد إما بمثل الثمن أو أقل أو أكثر من ضرب ثلاث في ثلاث بتسع ثم لا يخلو إما أن تكون السكة الثانية أجود من الأولى أو أردأ ثم مثل بصورة من ذلك يتوهم فيها الجواز من وجهين بل من ثلاث وهي ما إذا باعه السلعة مثلا بعشرة دراهم يزيدية ثم اشتراها بعشرة محمدية إلى الأجل نفسه فيتوهم الجواز فيه من اتفاق الثمنين في العدد وفي الأجل ومن كون المحمدية أجود من اليزيدية قال ابن غازي وهو عكس ما فرضه من المدونة إذ قال وإن بعت ثوبا بعشرة دراهم محمدية إلى شهر فلا تبتعه بعشرة يزيدية إلى ذلك الشهر ، كذا اختصره أبو سعيد زاد ابن يونس لرجوع ثوبك وكأنك بعت يزيدية لمحمدية إلى الأجل إنما قصد المصنف العكس ; لأنه مختلف فيه فبين مختاره من

                                                                                                                            [ ص: 397 ] الخلاف وقد ذكر المازري أن في كون علة منع مسألة المدونة اشتغال الذمتين بسكتين مختلفتين أو لأن اليزيدية دون المحمدية طريقين للأشياخ وعليهما منع عكس مسألة المدونة وجوازه وعزا ابن محرز الأولى لأكثر المذاكرين والثانية لبعضهم ، انتهى . والظاهر في علة المنع إنما هو اشتغال الذمتين لا لأن اليزيدية دون المحمدية ; لأن غاية ذلك أن يكون بمنزلة العلة وقد تقدم ; لأنه إذا تساوى الأجلان فالبيع جائز سواء كان الثمن الثاني أقل أو أكثر أو مساويا لكن تقدم إنهما إذا اشترطا نفي المقاصة منعت هذه الصورة ، واختلاف السكتين كاشتراط نفي المقاصة ; لأنه لا يقضى بها حينئذ ، والله أعلم . ومفهوم قوله إلى أجل أنه إذا اشتراها نقدا جاز وفي ذلك ست صور ; لأنه بمثل عدد الثمن الأول أو أكثر أو أقل وعلى كل حال فالثمن الأول إما أجود سكة أو بالعكس وليس على إطلاقه بل ينظر فإن كان الثمن الأول أجود سكة فيمتنع لما تقدم أن الجودة والرداءة كالقلة والكثرة وإن كان الثاني أجود فإن كان بأقل من عدد الأول فيمتنع أيضا وإن كان مثل عدد الأول أو أكثر جاز فالجائز من مسائل النقد الست ثنتان فقط وهي ما إذا اشتراه بسكة أجود وكان عدد الدراهم الثانية مثل عدد الأولى أو أكثر وانظر أبا الحسن وابن يونس ، والله أعلم .

                                                                                                                            ص ( وإن اشترى بعرض مخالف ثمنه جازت ثلاثة النقد فقط )

                                                                                                                            ش : لما ذكر أولا اختلاف نوعي الثمن كما إذا كان أحدهما ذهبا والآخر فضة ذكر هنا اختلاف جنسهما وذلك شامل لما إذا كان أحد الثمنين نقدا والآخر عرضا أو كل منهما عرض لكنهما مختلفان وما ذكره ابن غازي ظاهر فراجعه ورأيت بخط القاضي عبد القادر الأنصاري - رحمه الله - على حاشية التوضيح للشيخ خليل عند قوله فإن كانا أي العرضان نوعين جازت الصور كلها إذ لا ربا في العروض قال الشيخ خليل تبعا لابن عبد السلام مراده بالصور كلها صور النقد الثلاثة وأما صور الأجل التسع فممتنعة ; لأنه دين بدين ا هـ ، قال القاضي المذكور قال شيخنا البساطي - رحمه الله - مراده الاثنا عشر ولا أسلم لهم ما قالوا ا هـ ، ولم أقف على هذا الكلام للبساطي في شرحه على المختصر ولعل القاضي سمعه من لفظه ، والله أعلم . والحق ما قاله الشيخ خليل وابن عبد السلام كما بينه ابن غازي ، والله أعلم .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية