الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص ( ولا تمكنه زوجته إن سمعت إقراره وبانت )

                                                                                                                            ش : اعلم أن ظاهر كلام المصنف أنه شرط في منعها نفسها منه شرطين [ ص: 85 ] الأول أن تسمع إقراره الثاني أن تبين ولم يبين أحد من شروحه التي وقفت عليها معنى الشرط الثاني وهو قوله وبانت وكذلك شارحا ابن الحاجب أعني المصنف وابن عبد السلام مع أن عبارة ابن الحاجب أوضح من عبارة المؤلف ونصه ولا يسع زوجته إن علمت إقراره المقام معه إلا كرها إن بانت كمن علمت أنها طلقت ثلاثا ولا بينة لها ، انتهى . ولم ينبها على معنى قوله إن بانت ثم إني وقفت على شرح ابن الحاجب للعلامة ابن فرحون فذكر بعض شيء ونصه : قال في المدونة : فإن كان علم هو أنه كاذب في إقراره بعد يمينه حل له المقام عليها فيما بينه وبين الله ولم يسع امرأته المقام معه إن سمعت إقراره وكان الطلاق بالثلاث وهذا معنى قوله إن بانت وترفعه للحاكم إلا أن لا تجد بينة ولا سلطانا ، انتهى . وما ذكره عن المدونة أعني قوله وكان الطلاق بالثلاث لم أره في التهذيب ولم أر من نقله عن المدونة ولا من نبه عليه من شراحها بعد النظر في ابن يونس وأبي الحسن الكبير والصغير وابن ناجي والرجراجي والتنبيهات والنكت وحاشية المشذالي فتأمله ، والله أعلم . وقال البرزلي في مسائل الأنكحة مسألة وسئل ابن أبي زيد عمن شهد على زوجها شاهدان بالطلاق وهي تعلم زورهما هل يباح لها التزويج أم لا فأجاب هذا لا يعرف أبدا إلا على وجه أن يشهد أنه طلقها في يوم الخميس وتعلم هي أنها لم تفارقه في ذلك اليوم فينبغي إن كان ذلك أن لا تتزوج . البرزلي . وعكسه تعلم تحقيقا أن يشهدا عليه أنه طلقها وهو يعلم بطلان شهادتهم وقد وقعت وأفتى فيها شيخنا أبو محمد عبد الله الشبيبي وقد كانت منعت منه أنه يجوز له أن يتسور عليها ويطأها إذا خفي له ذلك وصدقته وهي عندي تجري على مسألة من رأى هلال شوال وحده وهو في الحاضرة هل يباح له الفطر إذا خفي له وعلى مسألة من جحد له مال فظفر بمال للجاحد هل يباح له أم لا أما إذا كان غير وديعة عنده ولم يخف على نفسه فجائز وإن خاف على نفسه مثل الفقير يقدر على أموال مستغرق الذمة بالتستر والسرقة فكان شيخنا أبو محمد المذكور يبيح للفقراء أخذ أموال الظلمة كيفما تأتى وكان شيخنا الإمام يمنع ذلك ابتداء خشية أن يطلع عليه فيدركه الضرر هذا الذي شافهته منه ثم بلغني أنه رجع إلى جواز ذلك وهو كمسألة المضطر لأكل مال الغير إن خاف على نفسه القطع أبيحت له الميتة وإلا جاز له أخذه وأما إن كان عنده وديعة فهل ينفعه الجحد أم لا فيه ستة أقوال حكاها ابن رشد في الشرح وذكر ابن يونس أكثرها حيث تكلم عليها في المدونة من آخر الوديعة ، انتهى . والمشهور المنع في المسألتين المخرج عليها والإجراء عليها ظاهر فيلزم في المسألة المذكورة ، والله أعلم . قال ابن الحاجب ولا يفطر في هلال شوال ظاهرا ولا خفية وإن أمن الظهور على الأصح ، قال في التوضيح : ومقابل الأصح لم أره منصوصا وخرجه اللخمي من مسألة الزوجين يشهد عليهما شاهدان بالطلاق الثلاث والزوجان يعلمان أنهما شهدا بزور فقد قيل لا بأس أن يصيبها خفية فالأكل مثله من باب أولى لأن التخفي في الأكل أكثر من الجماع ، انتهى .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية