الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                            مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

                                                                                                                            الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص ( وجاز محلى )

                                                                                                                            ش : لما كان بيع المحلى مستثنى من بيع أحد النقدين بالآخر مع عدم تحقق المماثلة ، ومن البيع والصرف نبه على ذلك بقوله : " وجاز محلى " أي وجاز بيع المحلى بأحد النقدين بصنفه وبغير صنفه بشروط مع أن الأصل عدم جوازه ولكنه أجيز للضرورة ، ثم لما كان المحلى على قسمين منه ما تكون حليته قائمة ظاهرة كالسيف والمصحف إذا صفحا بالحلية ومنه ما تكون حليته منسوجة فيه كالثياب المنسوجة بذلك والمطرزة به نبه على المحلى الشامل للقسمين بشرط أن يكون هذا الثاني يخرج منه إن سبك شيء وأما لو لم يخرج منه شيء فلا عبرة بالحلية فقال وإن ثوبا يخرج منه عين إن سبك أي وإن كان المحلى ثوبا بشرط أن يخرج منه شيء إن سبك .

                                                                                                                            ص ( بأحد النقدين )

                                                                                                                            ش : متعلق بقوله : " محلى " ويحتمل أن يكون متعلقا بمحذوف ، أي وجاز بيعه بأحد النقدين ، وهو الظاهر .

                                                                                                                            ثم نبه على الشروط بقوله :

                                                                                                                            ص ( إن أبيحت )

                                                                                                                            ش : يعني أن المحلى بأحد النقدين يشترط في جواز بيعه بأحدهما سواء كان من صنف ما فيه أو خلافه ثلاثة شروط ( الأول ) أن تكون الحلية مباحة ، قال في المدونة وما حلي بالفضة من ثوب أو سرج أو قدح أو سكين أو لجام أو ركاب مموه أو مخروز عليه أو جرز مموه أو شبه ذلك فلا يجوز بيعه بفضة ، وإن قلت حليته ; لأن اتخاذ هذه الأشياء من السرف بخلاف ما أبيح اتخاذه من السيف المحلى ، والمصحف والخاتم وكان مالك لا يرى بأسا أن يحلى المصحف وكان يكره هذه الأشياء التي تصاغ من الفضة مثل الإبريق ومداهن الفضة ، والذهب [ ص: 331 ] ومجامر الفضة والذهب والأقداح واللجم والسكاكين المفضضة ، وإن كان تبعا وكره أن تشترى انتهى . والجرز نوع من السلاح ، وهو بضم الجيم وسكون الراء وآخره زاي ذكره في التنبيهات ، وقال أبو الحسن قال عياض : ظاهره يعني الكلام المتقدم فيما لم يبح اتخاذه أنه يباع بالذهب ونحوه . في كتاب ابن حبيب وجوزها بالعروض ، وإنما منع بيعها بما فيها لكن قوله بعد هذا " وكره أن تشترى " يرفع الإشكال والأصل فيما لا يجوز اتخاذه من ذلك أنه لا يباع بما فيه لا وبغيره من العين يجمعه البيع والصرف لغير ضرورة إلا أن يكون ما فيه من العين أقل من دينار أو من العروض وذلك على أصل ما تقدم من جمع البيع والصرف انتهى . ، والله أعلم .

                                                                                                                            ص ( وسمرت )

                                                                                                                            ش : هذا هو الشرط الثاني ، وهو أن تكون الحلية مسمرة على المحلى بحيث يكون في نزعها ضرر ، وإن لم يكن في نزعها ضرر فلا ، قال في التوضيح قال الباجي كالفصوص المصوغ عليها ، وحلية السيف المسمرة عليه وحلية السيف المسمرة في حمائله وجفنه وأما القلائد التي لا تفسد عند نظمها فظاهر المذهب أنه لا تأثير لها في الإباحة وذكر ابن راشد عن المتأخرين قولين : بالجواز والمنع إذا كان يغرم ثمنا في رد الحلية بعد قلعها ، وقال اللخمي : لم يختلفوا أنه إذا كانت الحلية منقوضة وهي تبع أنه لا يجوز أن يباع السيف وحليته بجنسها نقدا أو إلى أجل قال ، وأرى إن كانت قائمة بنفسها صيغت ، ثم ركبت وسمرت أن يكون لها حكم المنقوض ; لأنه ليس في ذلك أكثر من أنها سمرت بمسمار انتهى ، وقال ابن بشير : إن أمكن تمييز العين من العرض دون فساد ولا خسارة في رده فغير معتبرة ، وإن كانت لا تزول إلا بفساد فهي معتبرة إن كانت تزول بغير فساد لكن يؤدي على ردها ثمنا ففيه قولان للمتأخرين انتهى . بالمعنى قال في التنبيهات وحلي النساء كله حكمه حكم السيف إلا ما كان منظوما فليس له هذا الحكم وحكمه حكم العروض والعين إذا اجتمعا في صفقة لا يجوز إلا أن يباع كل واحد منهما على انفراده بما يجوز أن يباع به إلا أن تكون العين يسيرة جدا أو العرض كذلك فيباع بخلاف ما هناك من عين أو بعرض آخر ووقع في كتاب ابن حبيب أنه لا يجوز أن يباع ذلك بالوزن نقدا فتأولوه فيما فيه الذهب يسير أقل من الدينار أو الجوهر يسير ، وكذلك قال ابن القاسم في حلية السيف إذا نقضت فلا تباع بفضة انتهى .

                                                                                                                            ص ( وعجل )

                                                                                                                            ش : هذا هو الشرط الثالث أن يكون ذلك العرض والمحلى معجلا .

                                                                                                                            ص ( مطلقا )

                                                                                                                            ش : يعني أن هذه الشروط الثلاثة مشروطة في جواز بيع المحلى مطلقا ، أي سواء بيع بصنف حليته أو بغير صنف حليته .

                                                                                                                            ص ( وبصنفه إن كانت الثلث )

                                                                                                                            ش : يعني أن المحلى إذا بيع بغير صنف حليته فيشترط فيه الشروط المتقدمة فقط ، وإن بيع بصنف حليته اشترط في ذلك شرط رابع ، وهو أن تكون الحلية الثلث ، والله أعلم .

                                                                                                                            ص ( وهل بالقيمة أو بالوزن خلاف )

                                                                                                                            ش : يعني إذا بنينا على المشهور من أن التبع الثلث فهل يعتبر الثلث بالقيمة أو بالوزن ؟ قولان مشهوران فإذا بيع [ ص: 332 ] سيف محلى بذهب بسبعين دينارا ذهبا وكان وزن الحلية عشرين ولصياغتها تساوي ثلاثين وقيمة النصل أربعون جاز على القول الثاني باعتبار الوزن دون الأول باعتبار القيمة والقول باعتبار القيمة قال ابن يونس هو ظاهر الموطإ والموازية وصدر به ابن الحاجب وعطف الثاني بقيل ، والقول باعتبار الوزن قال الباجي : إنه ظاهر المذهب .

                                                                                                                            ( تنبيه ) قال في التوضيح ما ذكرناه من أنه تنسب قيمة الحلية أو زنتها إلى مجموع ثمن المبيع فإن كانت ثلثه جاز هو المذهب الذي قاله الناس ، ونسب ابن بشير ذلك إلى قيمة المحلى فإن كانت ثلثه جاز وإلا امتنع وليس كذلك ; لأنه إذا نسبت إلى المحلى فكانت ثلثه كانت ربع الجميع انتهى ، والله أعلم .

                                                                                                                            ص ( وإن حلى بهما لم يجز بأحدهما إلا إن تبعا الجوهر )

                                                                                                                            ش : أي فإن كانا تبعا للجوهر فيباع بالأقل منهما قولا واحدا ، قاله صاحب الإكمال وفي بيعه بنصف الأكثر منهما قولان انظر ابن عرفة والتوضيح .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية