ص ( لا إن ش يعني إذا كان شرط لزوم البيع التكليف ممن أجبر عليه أي على البيع جبرا حراما إما بأن يكره على البيع نفسه أو يكره على دفع مال ظلما فيبيع متاعه لذلك ، وكالذمي يضغط فيما يتعدى عليه به من جزية أو غيرها فلا يلزمه لانتفاء شرط لزومه الذي هو التكليف ; لأن المكره غير مكلف كما تقدم ، ودليله قوله تعالى { أجبر عليه جبرا حراما ) إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم } ، وقوله صلى الله عليه وسلم { } . لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفسه
ولما كان الجبر على قسمين حرام غير لازم ، وشرعي لازم احترز عن الثاني بقوله جبرا حراما ، والجبر الشرعي قال في التوضيح : وغيره كجبر القاضي المديان على البيع للغرماء ، وكجبر العمال على بيع أموالهم ، فإنه جائز ، ويلزمه سواء كان السلطان يرد المال على من أخذه منه أو يأخذه لنفسه كالمضغوط في دين لزمه ; لأن إغرام الوالي العمال ما أخذه من الناس حتى فعله الوالي ، وعليه أن يرده إلى أهله فإذا حبسه ، فهو ظالم في حبسه نقله ابن حبيب عن ، وابن عبد الحكم مطرف وأصبغ انتهى . ويعبر أهل المذهب عن هذه المسألة بمسألة بيع المضغوط ، وهو المكره ، وقال في القاموس : الضغطة بالضم الضيق والشدة والإكراه انتهى .
وقال البرزلي : سئل عن المضغوط ما هو فقال : هو من أضغط في بيع ربعه أو شيء بعينه أو في مال يؤخذ منه فباع لذلك انتهى ، وظاهر كلام ابن أبي زيد ابن راشد أن التسمية بمسألة المضغوط خاص بما إذا أكره على دفع المال ، فباع لذلك ونصه ، ولا يلزم . بيع المجبور على البيع جبرا حراما
ويخير فيه المكره بعد إذنه فإن أجازه جاز ، وإلا بطل ، ولو لم يكن على البيع بل على دفع المال ظلما فباع ليؤديه ، وهي مسألة المضغوط فنص ابن القاسم عن على أنه يأخذ متاعه بلا ثمن ، وأفتى مالك اللخمي أن بيعه ماض ، وهو قول ، ورأى أن من اشترى منه ليخلص من العذاب مأجور واعلم أن من أكره على البيع لا يلزمه البيع بإجماع قال السيوري ابن عرفة : وبيع المكره عليه ظلما لا يلزمه الشيخ عن ابن سحنون والأبهري إجماعا عنه ، وللبائع أن يلزمه المشترى طوعا ، وله أخذ مبيعه ، . ابن سحنون
ولو تعددت أشريته كمستحق كذلك ، ولا يفيته عتق ولا إيلاد ، ويحد المشتري بوطئها انتهى . وأما من أكره على دفع مال فباع لذلك ففيه خلاف مذهب ابن القاسم ، وروايته عن أنه لا يلزمه ، وقال مالك ابن حبيب : وحكاه عن مطرف وابن عبد الحكم وأصبغ .
وقال به ، وأفتى به سحنون ابن رشد وغيره لكن سحنونا وابن رشد خالفا في أخذه صاحبه بلا ثمن كما سيأتي ، وقال : بيعه لازم ; لأنه غير مفسوخ نقله عنه ابن كنانة ابن رشد في رسم سن من سماع ابن القاسم من كتاب السلطان ، ونقله أيضا البرزلي ، وقال به السيوري واللخمي قال البرزلي : ومال إليه شيخنا الإمام يعني ابن عرفة ، وهو قول قال في التوضيح : عن الثوري ابن رشد بعد أن حكاه عن اللخمي ، والمذهب خلاف ذلك ونص كلام والسيوري السيوري واللخمي على ما نقل البرزلي [ ص: 249 ] عمن عدا عليهم سلطان ، فأخذ رباعهم ثم فكوها بمال معلوم ، ورجعت عليهم فباع أحدهم دارا منها ودفع ثمنها للسلطان ثم قام يريد نقض البيع ، وطلب الغلة السيوري فأجاب بيعه لازم ، ولا غلة له وسئل أيضا عمن يتعدى عليه الأعراب فيسجنونه فيبيع هو أو وكيله أو من يحتسب له ربعا لفدائه هل يجوز شراؤه أم لا ؟ وكذا ما أخذه المضطر من الدين هل يلزم أم لا ؟ فأجاب ، وسئل جائز ماض باع هو أو وكيله بأمره . بيع المضطر لفدائه
وكذا أخذه معاملة أو سلفا ، ومن فعل ذلك معه أجر على قدر نيته في الدنيا ، والآخرة ثم قال : وسئل اللخمي عن يتيم أخذه السلطان وسجنه ، واضطره إلى بيع ربعه فباعه خشية أن يأتيه من السلطان نفي أو غيره ، وتوقف الناظر في البيع حين لم يأذن القاضي فيه فأجاب إذا كان الأمر على ما وصف مضى بيعه انتهى . وذكر في التوضيح عن ابن رشد بلفظ ، وسئل عن شاب مراهق أو بالغ جنى جناية فسجن وهو يتيم كفله بعض أقاربه إلى آخره .
( تنبيه ) : ظاهر كلام المؤلف أن هذا الحكم خاص بمسألة لأن الضمير في عليه عائد إلى البيع . الإكراه على البيع
وقد علمت أن المذهب لا فرق بين الإكراه على البيع أو على دفع مال ، فيبيع لذلك
ص ( ورد عليه بلا ثمن )
ش : يعني أنه إذا قلنا أن المكره لا يلزمه بيعه فإنه مخير بين أن يلزم المشتري البيع ، وبين أن يأخذ مبيعه كما تقدم ، ولا يلزمه دفع الثمن بل يأخذ حقه بلا ثمن ، وهذا الذي ذكره المصنف إنما هو إذا أكره على دفع مال ظلما ، فباع متاعه لذلك فيرد إليه متاعه بلا ثمن حتى يتحقق أن المضغوط صرف الثمن في مصالحه ، وأما إذا أكره على البيع فقط ، فله إجازة البيع ، ورده فإن رد البيع رد الثمن الذي أخذه إلا أن تقوم بينة على تلفه قاله في كتاب الإكراه من النوادر ، وتقدم في كلام ابن رشد نحوه
وقال : في البيان ، وسواء علم المشتري أنه مضغوط أو لم يعلم قال ذلك ابن القاسم في المبسوط عن ، وسواء وصل الثمن من المبتاع إلى المضغوط فدفعه المضغوط إلى الظالم أو جهل هل دفعه إليه أو أدخله في منافعه ؟ أو كان الظالم هو الذي تولى قبضه من المبتاع للمضغوط ؟ في ذلك كله أن يأخذ ماله من المشتري أو ممن اشتراه من المشتري بغير ثمن ، ويرجع المشتري الثاني على المشتري من المضغوط ، والمشتري من المضغوط على الظالم إلا أن يعلم أن البائع أدخل الثمن في منافعه ولم يدفعه إلى الظالم ، فلا يكون له إلى ذلك سبيل حتى يدفع الثمن إلى المشتري قال ذلك كله مالك ابن حبيب في الواضحة وحكاه عن مطرف وابن عبد الحكم وأصبغ ، وذهب إلى أنه إذا كان المضغوط هو البائع القابض للثمن ، فلا سبيل له إلى ما باع إلا بعد غرم الثمن وحكاه عن سحنون ، وقال مالك : بيعه لازم له غير مفسوخ عنه ، وهو أجير يؤجر به عليه ، ولزومه إياه ; لأنه أنقذه مما كان فيه من العذاب انتهى من رسم سن من سماع ابن كنانة ابن القاسم من كتاب السلطان ونقله في التوضيح ، ونصه ولو نظر فإن كان ظلمه له ، وعداؤه عليه معلوما حتى باع متاعه فيحمل على أنه وصل للظالم حتى يتحقق أن [ ص: 250 ] المضغوط صرفه في مصالحه فلا يصل حينئذ إلى متاعه إلا بدفع الثمن . باع متاعه في مظلمة ثم لا يدري هل أوصل الثمن إلى الظالم أم لا
وسواء علم المبتاع بأن ما اشتراه للمضغوط أو لم يعلم قيل أنهم يخرجون عندنا من غير كبل يقفون لبيع متاعهم فإذا أمسوا ردوا إلى السجن قد وكل بهم حراس أو أخذ عليهم حميل ، والمشتري لا يعلم أو يعلم ، ومنهم من هو في كبل ، وعذاب ، ومنهم هارب قد أخذ متاعه يباع قد أمر بعض أهله ببيعه قال كل هذا سواء ، وهو إكراه لا يبالى بعلم المبتاع أو جهله إلا أن من علم مأثوم ، وقاله لمطرف ابن عبد الحكم وأصبغ : قالوا : وسواء كان عنده عين فتركها وباع خشية أن يزاد عليه أو لم يكن انتهى . ونقله ابن عرفة ، ولفظه ، وسواء أخرج المضغوط للبيع مكبولا أو موكلا به حراس أو أخذ عليه حميل أو كان مسرحا دون حميل إلا أنه إن هرب خالفه الظالم إلى منزله بالأخذ والمعرة في أهله كان له مال عين غير ما باعه أو لم يكن ، ولي البيع أو ، وكل عليه انتهى . وقال قبله ، ويتبع المشتري بثمنه الظالم دفعه له هو أو البائع انتهى .