الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                      صفحة جزء
                                                      تاسعها - القياس الذي يكون الوصف فيه وجوديا : على ما إذا كان أحدهما عدميا ، أو كانا عدمين ، ويرجح تعليل العدمي بالعدمي على ما إذا كان أحدهما وجوديا للمشابهة بين التعليل بالعدمي للعدمي هكذا قال في المحصول " وقال ابن برهان : إذا كانت إحدى العلتين محسوسة والأخرى حكمية فقيل : تقدم المحسوسة لقوتها ، وقيل : الحكمية ، لأن الكلام في الحكم الشرعي ، فيقدم الحكمي على الحسي ومثاله : ترجيح علتنا في مسألة المني أنه مبدأ خلقة الآدمي على علتهم أن المني ليس في عينه ولا في حكمه ما يدل على النجاسة .

                                                      [ ص: 215 ] عاشرها - أن تكون إحدى العلتين أقل مقدمات : والأخرى موقوفة على أكثرها ، فالموقوفة على الأقل أرجح ، لأن ما توقف على مقدمات أقل صدقه أغلب في الظن مما يتوقف على أكثر ، والعمل بأرجح الظنين واجب وقال الشيخ أبو إسحاق : ترجح العلة القليلة الأوصاف على الكثيرة الأوصاف ، وقيل : الكثيرة أولى ، وقيل : هما سواء . حادي عشرها - أن تكون إحدى العلتين مطردة منعكسة : والأخرى غير منعكسة ، فالأولى أولى لأنه قد اشترط الانعكاس في العلل ، فتكون هذه العلة مجمعا على صحتها ، والأخرى ليست كذلك هكذا حكاه إمام الحرمين عن معظم الأصوليين أن الانعكاس من الترجيحات المعتمدة ، قال : وهو متجه على قولنا أن الانعكاس دليل صحة العلة معنى ، فأما إذا جعلناه شرطا فلا تعارض فلا ترجيح ، لأن التي لم تنعكس حينئذ باطلة ، لفقدان شرطها ، فاعترضه ابن المنير بقوله : إن الأدلة لا يرجح بعضها بعضا ، فإذا بنينا على أن الإخالة والعكس كل منهما دليل مستقل على صحة العلة فكيف نرجح مستقلا بمستقل وجوابه أن الترجيح باعتبار وصفها لا بذاتها ثم اختار أن العكس لا يرجح به ، لأن النفي ما جاء من قبل العلة ، بل من الأصل ، فلا يكون دليلا عليها ولا مرجحا . ثاني عشرها - أن تكون إحداهما صفة ذاتية ، والأخرى حكمية : قال ابن السمعاني : فالحكمية أولى ومن أصحابنا من قال : الذاتية أولى ، لأنها ألزم والأول أصح ، لأن الحكم بالحكم أشبه ، فيكون بالدليل عليه أولى . ثالث عشرها : أن تكون إحداهما موجبة الحكم : والأخرى للتسوية بين حكم وحكم ، فالتي أوجبت الحكم أولى من العلة التي توجب التسوية ، لأن العلماء اختلفوا في جواز الاستدلال بالعلل الموجبة للتسوية ، ولم يختلفوا في الموجبة للحكم حكاه السهيلي قال : وذكر الشيخ الإمام سهل الصعلوكي في بعض المناظرات أن علة التسوية أولى ، لكثرة الشبه فيه والأول أظهر

                                                      التالي السابق


                                                      الخدمات العلمية