( 5546 ) مسألة ; قال : وإذا لم يمنع من نكاح النساء ، ولم يكن له أن ينكح بغير ذلك بعد ، وكذلك لو سبق ، فقال : أنا امرأة . لم ينكح إلا رجلا . قال الخنثى المشكل : أنا رجل .
الخنثى : هو الذي له في قبله فرجان ; ذكر رجل ، وفرج امرأة . ولا يخلو من أن يكون ذكرا أو أنثى ، قال الله تعالى : { وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى } . وقال تعالى { وبث منهما رجالا كثيرا ونساء } . فليس ثم خلق ثالث . ولا يخلو الخنثى من أن يكون مشكلا ، أو غير مشكل ، فإن لم يكن مشكلا بأن تظهر فيه علامات الرجال ، فهو رجل له أحكام الرجال ، أو تظهر فيه علامات النساء ، فهو امرأة له أحكامهن .
وإن كان مشكلا ، فلم تظهر فيه علامات الرجال ولا النساء ، فاختلف أصحابنا في نكاحه ، فذكر أنه يرجع إلى قوله ، فإن ذكر أنه رجل ، وأنه يميل طبعه إلى نكاح النساء ، فله نكاحهن . وإن ذكر أنه امرأة ، يميل طبعه إلى الرجال ، زوج رجلا ; لأنه معنى لا يتوصل إليه إلا من جهته ، وليس فيه إيجاب حق على غيره ، فقبل قوله فيه ، كما يقبل قول المرأة في حيضها وعدتها . الخرقي
وقد يعرف نفسه بميل طبعه إلى أحد الصنفين وشهوته له ، فإن الله تعالى أجرى العادة في الحيوانات بميل الذكر إلى الأنثى وميلها إليه ، وهذا الميل أمر في النفس والشهوة لا يطلع عليه غيره ، وقد تعذرت علينا معرفة علاماته الظاهرة ، فرجع فيه إلى الأمور الباطنة ، فيما يختص هو بحكمه . وأما الميراث والدية ، فإن أقر على نفسه بما يقلل ميراثه أو ديته ، قبل منه ، وإن ادعى ما يزيد ذلك ، لم يقبل ; لأنه متهم فيه ، فلا يقبل قوله على غيره .
وما كان من عباداته وسترته وغير ذلك ، فينبغي أن يقبل قوله فيه ; لأنه حكم بينه وبين الله تعالى . قال : ويقبل قوله في الإمامة ، وولاية النكاح ، وما لا يثبت حقا على غيره . وإذا زوج امرأة أو رجلا ، ثم عاد فقال خلاف قوله الأول ، لم يقبل قوله في التزويج بغير الجنس الذي زوجه أولا ; لأنه مكذب لنفسه ، ومدع ما يوجب الجمع بين تزويج الرجال والنساء ، لكن إن تزوج امرأة ، ثم قال : أنا امرأة ، انفسخ نكاحه ; لإقراره ببطلانه ، ولا يقبل قوله في سقوط المهر عنه . القاضي
وإن تزوج رجلا ثم قال : أنا رجل . لم يقبل قوله في فسخ نكاحه ; لأن الحق عليه . وهذا قول . وقال الشافعي أبو بكر : لا يجوز أن يتزوج حتى يبين أمره . وذكره نصا عن ، في رواية أحمد وهذا الذي ذكره [ ص: 159 ] الميموني . مذهب أبو إسحاق ; وذلك لأنه لم يتحقق وجود ما يبيح له النكاح . فلم يبح له ، كما لو اشتبهت عليه أخته بنسوة ، وكما لو لم يقل : إني رجل ولا امرأة ، ولأن قوله لا يرجع إليه في شيء من أحكامه من الميراث والدية وغيرهما ، فكذلك ، في نكاحه ، ولأنه لا يعرف نفسه كما لا يعرفه غيره ، ولأنه قد اشتبه المباح بالمحظور في حقه ، فحرم كما ذكرناه . للشافعي