ص ( وإن كان بينهما ستة فبطنان ) ش يعني أنه إذا فليسا بتوأمين بل هما بطنان قال في المدونة ، وإن وضعت الثاني لستة أشهر ، فهما بطنان فإن أقر بالأول ، ونفى الثاني ، وقال لم أطأ بعد ولادة الأول لاعن ، ونفى الثاني إذ هما بطنان فإن قال لم أطأها من بعد ما ولدت الأول ، وهذا الثاني ولدي ، فإنه يلزمه ; لأن الولد للفراش ، وسئل النساء فإن قلن إن الحمل يتأخر هكذا لم يحد ، وكان بطنا واحدا ، وإن قلن لا يتأخر حد ، ولزمه الولد ، وهذا هو الذي أشار إليه كان بين الولدين ستة المصنف بقوله
ص ( إلا أنه قال : إن أقر بالثاني ، وقال لم أطأ بعد الأول سئل النساء فإن قلن إنه يتأخر هكذا لم يحد )
ش : يعني أن رحمه الله بعد أن قال : إنهما إذا كان بينهما ستة أشهر فهما بطنان ، وفرع على ذلك الفرع الأول في المدونة الذي لم يذكره مالكا المصنف ، وهو ما إذا أقر بالأول ، ونفى الثاني ، وقال : لم أطأ بعد ولادة الأول قال : إنه يلاعن الثاني ذكر هذا الفرع الثاني الذي ذكره المصنف أعني إذا أقر بالثاني يريد مع إقراره بالأول ، وقال : لم أطأ بعد الأول فقال إنه يسأل النساء فإن قلن إن الحمل قد يتأخر هكذا لم يحد ، وإن قلن لا يتأخر حد ، وإنما لم يحد إذا قلن يتأخر لعدم نفيه إياه بقوله لم أطأها بعد وضع الأول لجواز أن يكون ناشئا عن الوطء الذي كان عنه الأول عملا بقولهم لا يتأخر ، وإذا قلن لا يتأخر فيحد لنفيه إياه بقوله لم أطأها بعد وضع الأول ، والحال أن بينهما ستة أشهر ، وانضم إلى ذلك قول النساء إن الحمل لا يتأخر هكذا ، وهذا كالمخالف لما قاله أولا ، وإلى هذا الاستشكال أشار المصنف بأداة الاستثناء ، ولم يذكر الفرع الأول من كلام المدونة لجريه على الأصل المذكور أعني كونهما بطنين ، ووجه الاستشكال أنه جزم أولا بأنه إذا كان بينهما ستة أشهر ، فهما بطنان ، ثم قال ثانيا يسأل النساء فيقال إن كانت الستة كافية في الدلالة على كونهما بطنين كما قال في الفرع الأول فلا يسأل النساء في الفرع الثاني ، ويحد ; لأنه قد نفاه بقوله لم أطأ بعد الأول ، وأكذب نفسه باستلحاقه ، وإن لم تكن كافية فيسئل النساء أيضا في الفرع الأول فإن قلن إنه يتأخر هكذا حد ، ولم يلاعن كما لو وضعت لأقل من ستة ، وأجاب كابن الحاجب ابن عرفة بأن ذلك كاف حيث لا يعارض أصلا [ ص: 140 ] ولا يكفي حيث يعارض أصلا ، وهو في المسألة الثانية يعارض أصلا ، وهو درء الحد بالشبهة انتهى . وإلى هذا الاستشكال ، والجواب أشار الشيخ أبو الحسن الصغير بأنه قال جزم أولا بجعلهما بطنين ، ثم قال يسأل النساء ، وإنما قال يسأل النساء ، ولم يجزم كالتي قبلها لأجل حد الزوج حد القذف ; لأن الحدود تدرأ بالشبهات .
انتهى ( تنبيه ) هذا الذي فرضناه في تقرير المسألة من أنه أقر بالأول أيضا هو الذي يفهم من لفظ الأم ، ونصه قلت فإن ، وضعت الثاني لستة أشهر أتجعله بطنا واحدا قال بل هما بطنان قلت فإن قال لم أجامعها بعد ما ولدت الولد الأول قال يلاعنها ، وينفي الثاني قلت فإن قال : لم أجامعها بعد ما ولدت الولد الأول ، ولكن هذا الثاني ابني قال : يلزمه الولد ، ويسأل النساء فإن كان الحمل يتأخر هكذا لم أر أن يجلد ، وإن قلن لا يتأخر إلى مثل هذا جلدته الحد .
وقد سمعت غير واحد يذكر أن الحمل يكون واحدا ، ويكون بين وضعهما الأشهر انتهى وصرح بذلك الشيخ أبو محمد في اختصاره للمدونة فقال : ولو أقر بالثاني محمد وبالأول ، وقال : لم أطأها بعد الأول لحق الثاني ، ويسأل النساء إلخ ، وكذلك نقله اللخمي فقال : وإن أقر بهما جميعا ، وقال : لم أجامعها بعد ما ولدت الأول يسأل النساء إلى آخره ، وما ذكرناه في ، وجه الاستشكال ، وفي جوابه هو الذي قاله ابن عرفة ، وهو المفهوم من كلام أبي الحسن ، وهو الظاهر كما تقدم ، وحمل ابن عبد السلام المسألة على أنه إنما أقر بالثاني بعد أن نفى الأول ، ولاعن فيه ، وقرر الإشكال في كلام المدلول عليه بالاستثناء بأنه إذا قال النساء يتأخر كان كما لو ولدا في وقت واحد أو كان بينهما أقل من ستة أشهر . ابن الحاجب
وقد قال في هاتين الصورتين إن أقر بأحدهما ، ونفى الآخر حد ، ولحقا به فكذا يجب الحكم في إشراكهما ، وقبله في التوضيح وكذا الشارح زاد في التوضيح ، وكأنه إنما أسقط الحد ; لأن قول النساء لا يحصل به القطع فكان ذلك شبهة تسقط الحد ، ثم قال : ويرد هذا أنه لو كان كذلك لزم أيضا سقوط الحد إذا قلنا إنه لا يتأخر ; لأن قولهن لا يحصل القطع ، وقد نص في المدونة على وجوب الحد في ذلك انتهى والظاهر في المسألة التي فرضها ابن عبد السلام أنه إذا نفى الأول ولاعن فيه ، وأقر بالثاني ، وقال : لم أطأ بعد الأول أنه يحد ، ولا يسأل النساء ; لأن الولد الثاني قد أقر به بعد أن نفاه فيحد على كل حال ، والله أعلم .