( الثاني : ) قوله في التوضيح : فإذا فسخ لزمه الكراء لأجل اللبس ظاهره أنه يلزمه كراء اللبس سواء نقصه ، أو لم ينقصه ، والذي في ابن يونس أنه يلزمه قيمة اللبس إذا نقصه ذلك ، وكذلك نقله القرافي .
( الثالث : ) ما ذكره الشيخ من الترافع في كلام ابن يونس ليس فيه فيما رأيت ، ونصه : وإذا فسد البيع في اشتراط لبس الثوب ، ونقص كان على المبتاع قيمة لبسه ، وذكر بعض أصحابنا أنه اختلف إذا فقيل من البائع ، فيكون الحكم في قيمة اللبس مثل ما قدمنا ، وقيل : من المبتاع يوم قبضها كسائر البيوع الفاسدة ، فيكون على هذا لا شيء عليه في اللبس كسائر الغلات فسد البيع باشتراط النقد في أيام الخيار فهلكت السلعة ، ممن ضمانها ؟ ابن يونس ، ولم أر إذا فسد البيع باشتراط النقد خلافا أن المصيبة من البائع ، وإنما اختلف إذا فسد البيع باشتراط الخيار الطويل الذي لا يجوز في تلك السلعة فقال سحنون عن ابن القاسم : إن الضمان من البائع ، وقال عنه ابنه : إن الضمان من المشتري من يوم القبض ; لأن الخيار وقع فاسدا ، وهذا بخلاف إذا صح الخيار ، وفسد البيع لاشتراط النقد فيه أن الضمان هاهنا من البائع ; لأن الخيار هاهنا صحيح .
ابن يونس فعلى هذا تكون قيمة لبس الثوب على المشتري بلا خلاف فانظره ا هـ . فليس في كلامه - رحمه الله - تدافع ; لأنه حكى عن بعض الأصحاب الخلاف في ضمان المبيع إذا فسد البيع باشتراط النقد ، وأن البعض المذكور خرج عن ذلك الخلاف في أجرة لبس الثوب ، ثم رد عليه حكاية الخلاف في مسألة اشتراط النقد ، وأنه لا خلاف فيها أن الضمان من البائع ، ثم فرع على ذلك أنه إذا لم يكن في ذلك خلاف فلا ، وأيضا في مسألة الثوب ، وهو كلام حسن فتأمله وتحصل من كلامه أن بيع الخيار إذا فسد ، فإن كان فساده من جهة الخيار لاشتراط المدة البعيدة فاختلف في الضمان ، وإن كان فساده ليس من جهة الخيار فلا خلاف أن الضمان من البائع ، وإذا [ ص: 416 ] علم ذلك علم حكم الضمان في هذه المسائل التي ذكرها المصنف أنها فاسدة ، وقد تقدم الكلام في حكم الضمان في المدة الزائدة وأن الراجح أن الضمان من البائع والظاهر أن المدة المجهولة كالمدة الزائدة ; لأن الفساد من جهة الخيار ، وأما مسألة الغيبة على ما لا يعرف بعينه ، ومسألة الثوب ومسألة اشتراط النقد فالضمان من البائع ، ولو قبض المشتري السلعة حتى تمضي أيام الخيار ، والله أعلم .
وقد ظهر وجه لزوم الأجرة للمشتري ; لأن الضمان من البائع والغلة له ، وتقدم في كلام ابن رشد أن البيع الفاسد إنما يدخل في ضمان المشتري بالقبض إذا لم يكن بيع خيار ، وبعض الأصحاب الذي أشار إليهابن يونس هو في التهذيب فإنه ذكر نحو ما قال عبد الحق ابن يونس والله أعلم .