الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( بدع ) في أسماء الله تعالى " البديع " ، هو الخالق المخترع لا عن مثال سابق ، فعيل بمعنى مفعل . يقال أبدع فهو مبدع .

                                                          ( هـ ) وفيه : " أن تهامة كبديع العسل ، حلو أوله حلو آخره " البديع : الزق الجديد ، شبه به تهامة لطيب هوائها ، وأنه لا يتغير كما أن العسل لا يتغير .

                                                          ( س ) وفي حديث عمر رضي الله عنه في قيام رمضان : " نعمت البدعة هذه " البدعة بدعتان : بدعة هدى ، وبدعة ضلال ، فما كان في خلاف ما أمر الله به ورسوله فهو في حيز الذم والإنكار ، وما كان واقعا تحت عموم ما ندب الله إليه وحض عليه الله أو رسوله فهو في حيز المدح ، وما لم يكن له مثال موجود كنوع من الجود والسخاء وفعل المعروف فهو من الأفعال المحمودة ، ولا يجوز أن يكون ذلك في خلاف ما ورد الشرع به ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد جعل له في ذلك ثوابا فقال : من سن سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها وقال في ضده : ومن سن سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها وذلك إذا كان في خلاف ما أمر الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم . ومن [ ص: 107 ] هذا النوع قول عمر رضي الله عنه : نعمت البدعة هذه . لما كانت من أفعال الخير وداخلة في حيز المدح سماها بدعة ومدحها ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسنها لهم ، وإنما صلاها ليالي ثم تركها ولم يحافظ عليها ، ولا جمع الناس لها ، ولا كانت في زمن أبي بكر ، وإنما عمر رضي الله عنه جمع الناس عليها وندبهم إليها ، فبهذا سماها بدعة ، وهي على الحقيقة سنة ، لقوله صلى الله عليه وسلم : عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي وقوله : اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر وعلى هذا التأويل يحمل الحديث الآخر كل محدثة بدعة إنما يريد ما خالف أصول الشريعة ولم يوافق السنة . وأكثر ما يستعمل المبتدع عرفا في الذم .

                                                          * وفي حديث الهدي : فأزحفت عليه بالطريق فعي بشأنها إن هي أبدعت يقال أبدعت الناقة إذا انقطعت عن السير بكلال أو ظلع ، كأنه جعل انقطاعها عما كانت مستمرة عليه من عادة السير إبداعا ، أي إنشاء أمر خارج عما اعتيد منها .

                                                          * ومنه الحديث : " كيف أصنع بما أبدع علي منها " وبعضهم يرويه أبدعت . وأبدع على ما لم يسم فاعله . وقال : هكذا يستعمل . والأول أوجه وأقيس .

                                                          ( هـ ) ومنه الحديث : " أتاه رجل فقال إني أبدع بي فاحملني " أي انقطع بي لكلال راحلتي .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية