الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( حرف ) ( هـ ) فيه : نزل القرآن على سبعة أحرف كلها كاف شاف أراد بالحرف اللغة ، يعني على سبع لغات من لغات العرب : أي إنها مفرقة في القرآن ، فبعضه بلغة قريش ، وبعضه بلغة هذيل ، وبعضه بلغة هوازن ، وبعضه بلغة اليمن ، وليس معناه أن يكون في الحرف الواحد سبعة أوجه ، على أنه قد جاء في القرآن ما قد قرئ بسبعة وعشرة ، كقوله تعالى : مالك يوم الدين وعبد الطاغوت ومما يبين ذلك قول ابن مسعود : إنى قد سمعت القرأة فوجدتهم متقاربين ، فاقرءوا كما علمتم ، إنما هو كقول أحدكم : هلم وتعال وأقبل . وفيه أقوال غير ذلك هذا أحسنها . والحرف في الأصل : الطرف والجانب ، وبه سمي الحرف من حروف الهجاء .

                                                          ( هـ ) ومنه حديث ابن عباس : أهل الكتاب لا يأتون النساء إلا على حرف أي على جانب . وقد تكرر مثله في الحديث .

                                                          * وفي قصيد كعب بن زهير :

                                                          حرف أبوها أخوها من مهجنة وعمها خالها قوداء شمليل

                                                          الحرف : الناقة الضامرة ، شبهت بالحرف من حروف الهجاء لدقتها .

                                                          ( هـ ) وفي حديث عائشة : لما استخلف أبو بكر قال : لقد علم قومي أن حرفتي لم تكن تعجز عن مئونة أهلي ، وشغلت بأمر المسلمين فسيأكل آل أبي بكر من هذا ويحترف للمسلمين فيه . الحرفة : الصناعة وجهة الكسب . وحريف الرجل : معامله في حرفته ، وأراد باحترافه للمسلمين نظره في أمورهم وتثمير مكاسبهم وأرزاقهم . يقال : هو يحترف لعياله ، ويحرف : أي يكتسب .

                                                          [ ص: 370 ] ( س ) ومنه حديث عمر - رضي الله عنه - : " لحرفة أحدكم أشد علي من عيلته " أي إن إغناء الفقير وكفايته أيسر علي من إصلاح الفاسد . وقيل : أراد لعدم حرفة أحدهم والاغتمام لذلك أشد علي من فقره .

                                                          * ومنه حديثه الآخر : " إني لأرى الرجل يعجبني فأقول هل له حرفة ؟ فإن قالوا لا ، سقط من عيني " وقيل معنى الحديث الأول هو أن يكون من الحرفة بالضم وبالكسر ، ومنه قولهم : حرفة الأدب . والمحارف بفتح الراء : هو المحروم المجدود الذي إذا طلب لا يرزق ، أو يكون لا يسعى في الكسب . وقد حورف كسب فلان إذا شدد عليه في معاشه وضيق ، كأنه ميل برزقه عنه ، من الانحراف عن الشيء وهو الميل عنه .

                                                          * ومنه الحديث : سلط عليهم موت طاعون ذفيف يحرف القلوب أي يميلها ويجعلها على حرف : أي جانب وطرف . ويروى يحوف بالواو وسيجيء .

                                                          * ومنه الحديث : " ووصف سفيان بكفه فحرفها " أي أمالها .

                                                          * والحديث الآخر : " وقال بيده فحرفها " كأنه يريد القتل . ووصف بها قطع السيف بحده .

                                                          [ هـ ] ومنه حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - : آمنت بمحرف القلوب أي مزيغها ومميلها ، وهو الله تعالى . وروي : بمحرك القلوب .

                                                          [ هـ ] وفي حديث ابن مسعود : موت المؤمن بعرق الجبين فيحارف عند الموت بها ، فتكون كفارة لذنوبه أي يقايس بها . والمحارفة : المقايسة بالمحراف ، وهو الميل الذي تختبر به الجراحة ، فوضع موضع المجازاة والمكافأة . والمعنى أن الشدة التي تعرض له حتى يعرق لها جبينه عند السياق تكون كفارة وجزاء لما بقي عليه من الذنوب ، أو هو من المحارفة ، وهو التشديد في المعاش .

                                                          ( هـ ) ومنه الحديث : إن العبد ليحارف على عمله الخير والشر أي يجازى . يقال : لا تحارف أخاك بالسوء : أي لا تجازه . وأحرف الرجل إذا جازى على خير أو شر . قاله ابن الأعرابي .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية