الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( حلف ) ( هـ س ) فيه " أنه - عليه السلام - حال بين قريش والأنصار " .

                                                          ( س ) وفي حديث آخر " قال أنس - رضي الله عنه - : حالف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين المهاجرين والأنصار في دارنا مرتين " أي آخى بينهم وعاهد .

                                                          * وفي حديث آخر لا حلف في الإسلام أصل الحلف : المعاقدة والمعاهدة على التعاضد والتساعد والاتفاق ، فما كان منه في الجاهلية على الفتن والقتال بين القبائل والغارات فذلك الذي ورد النهي عنه في الإسلام بقوله - صلى الله عليه وسلم - : لا حلف في الإسلام وما كان منه في الجاهلية على نصر المظلوم وصلة الأرحام كحلف المطيبين وما جرى مجراه ، فذلك قال فيه - صلى الله عليه وسلم - : وأيما حلف كان في الجاهلية لم يزده الإسلام إلا شدة يريد من المعاقدة على الخير ونصرة الحق ، [ ص: 425 ] وبذلك يجتمع الحديثان ، وهذا هو الحلف الذي يقتضيه الإسلام ، والممنوع منه ما خالف حكم الإسلام . وقيل المحالفة كانت قبل الفتح .

                                                          وقوله : لا حلف في الإسلام قاله زمن الفتح ، فكان ناسخا ، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر - رضي الله عنه - من المطيبين ، وكان عمر - رضي الله عنه - من الأحلاف . والأحلاف ست قبائل : عبد الدار ، وجمح ، ومخزوم ، وعدي ، وكعب ، وسهم ، سموا بذلك لأنهم لما أرادت بنو عبد مناف أخذ ما في أيدي عبد الدار من الحجابة والرفادة واللواء والسقاية ، وأبت عبد الدار عقد كل قوم على أمرهم حلفا مؤكدا على أن لا يتخاذلوا ، فأخرجت بنو عبد مناف جفنة مملوءة طيبا فوضعتها لأحلافهم ، وهم أسد ، وزهرة ، وتيم ، في المسجد عند الكعبة ، ثم غمس القوم أيديهم فيها وتعاقدوا ، وتعاقدت بنو عبد الدار وحلفاؤها حلفا آخر مؤكدا ، فسموا الأحلاف لذلك .

                                                          ( س ) ومنه حديث ابن عباس " وجدنا ولاية المطيبي خيرا من ولاية الأحلافي " يريد أبا بكر وعمر ، لأن أبا بكر كان من المطيبين وعمر من الأحلاف . وهذا أحد ما جاء في النسب إلى الجمع ; لأن الأحلاف صار اسما لهم ، كما صار الأنصار اسما للأوس والخزرج .

                                                          * ومنه الحديث " أنه لما صاحت الصائحة على عمر ، قالت : واسيد الأحلاف ، قال ابن عباس : نعم ، والمحتلف عليهم " يعني المطيبين . وقد تكرر في الحديث .

                                                          ( س ) وفيه من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها الحلف : هو اليمين . حلف يحلف حلفا ، وأصلها العقد بالعزم والنية ، فخالف بين اللفظين تأكيدا لعقده . وإعلاما أن لغو اليمين لا ينعقد تحته .

                                                          * ومنه حديث حذيفة " قال له جندب : تسمعني أحالفك منذ اليوم ، وقد سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلا تنهاني " أحالفك : أفاعلك ، من الحلف : اليمين .

                                                          ( هـ ) وفي حديث الحجاج " أنه قال ليزيد بن المهلب : ما أمضى وأحلف لسانه " أي ما أمضاه وأذربه ، من قولهم : سنان حليف : أي حديد ماض .

                                                          * وفي حديث بدر " إن عتبة بن ربيعة برز لعبيدة ، فقال : من أنت ؟ قال : أنا الذي في [ ص: 426 ] الحلفاء " أراد أنا الأسد ، لأن مأوى الأسود الآجام ومنابت الحلفاء ، وهو نبت معروف وقيل هو قصب لم يدرك والحلفاء واحد يراد به الجمع ، كالقصباء والطرفاء . وقيل واحدتها حلفاة .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية