الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              - تعليل التاريخ

              ذهب عمر فروخ ، رحمه الله، إلى أن الغاية من تعليل التاريخ أن يدرك الطالب وهو يقرأ في المصـادر والمراجع التاريخية مـدى الصحة والخطأ في ما يقرأ، وأن يفرق بين التاريخ (الصحيح العلمي) وبين الحكاية (الشعبية [ ص: 137 ]

              الخرافية) لأحـداث الماضي. وهذا التعليل يعنى كثيرا بالأسباب والنتائج. أما الأحداث نفسها فتتفاوت قيمتها بمدى ثباتها على التعليل، وبتفسيرها للأسباب والنتائج [1]

              فالتاريخ للعبرة.. نتعظ بأخطاء الماضي، فلا نكررها، ونجعل من صحيح الأفعال حافزا لنا، مؤكدا: «أن التاريخ يجب أن يتخذ حافزا للهمم في الأمة، ولكن لا يجوز أن يصبح التاريخ وعاء للألفاظ الوطنية الجوفاء ولا وسيلة إلى تبرير خمول الأمة وتأخرها.. يجب أن ندرس أحداث الماضي حتى ندرك أحوال حاضرنا، ثم نحاول أن نتلافى تكرار سيئات الماضي في المستقبل [2]

              وينقل عن ابن خلدون –وهو أول من كتب في قيمة التعليل الاجتماعي للتاريخ- أن التعليل العاقل للتاريخ يقوم على ما هـو آت:

              1- العوامل التي تؤثر في سيرة التاريخ كثيرة، فلا يجوز الاكتفاء بعامل واحد منها عند التعليل.

              2- إن بعض العوامل يكون في بعض وقائع التاريخ أشد أثرا من بعضها الآخر.

              3- إن الدافع الأول في سير التاريخ إنما هـو العصبية (الخصائص المادية في العدد والسلاح والمال والعلم) وإن ظفر جماعة بجماعة يقوم على أوجه مختلفة من القوة في العصبية الظافرة. [ ص: 138 ]

              4- إن طبيعة البيئة تؤثر تأثيرا ظاهرا في سير التاريخ بين أهلها.

              5- إن التاريخ صورة للحضارة كلها، فيجب أن يتناول المؤرخ أوجه الحضارة كلها عند كتابة التاريخ. من أجل ذلك وجب أن يكون المؤرخ ملما إلماما كافيا بعدد من العلوم والفنون حتى يستطيع فهم عوامل التاريخ، وتدوين نتائج التاريخ على وجهها الصحيح، ووصف تطور الحضارة.

              6- إن أحوال المجتمع تتبدل باستمرار ولكن ببطء، فعلى قارئ التاريخ وعلى مدون أحداث التاريخ أن يفطنا لذلك.

              7- لا يجوز لنا أن نقبل خبرا إذا كان مستحيلا في العقل أو في العادة. وكذلك يجب أن نتروى في قبول الأخبار الممكنة في العقل وفي العادة، حتى تثبت لنا صحتها بثبوت صدق قائلها [3] .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية