الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              - الأسرة في الشرع الإسلامي

              ألف عمر فروخ ، رحمه الله، كتابا بهذا الاسم للقارئ العام، الذي انقطعت الصلة بينه وبين موضوع التشريع للأسرة وأحوالها، ولم يؤلفه للعلماء والقضاة والمحامين، لاعتقاده أن كثيرا من المشاكل العائلية، التي تنتهي إلى المحاكم، ناشئ عن جهل الناس لحقيقة «التشريع الإسلامي».. ولا ريب في أن معرفة هـذا التشريع عامل أساس في إسعاد الأسرة. من أجل ذلك، قصد في [ ص: 68 ]

              هذا الكتاب إلى بسط مبادئ التشريع في الإسلام بأسهل ما يمكن من اللغة، وأوضح ما يمكن من البيان، مع الاستغناء عن التطويل ما أمكن [1] .

              فأبان أن التشريع في الإسلام بني أول الأمر على الأخلاق والعقل وعلى الفائدة الاجتماعية، ولم يكن أداة استعباد للمسلمين.. وحاول الجمع بين أقوال أصحاب المذاهب ما أمكن، لاعتقاده أن المذاهب الإسلامية «أبواب اجتهاد» ومحاولة لاستنباط أحكام جديدة لأحوال مستجدة في البيئة الاجتماعية، وخصوصا ما يتعلق بالتشريع.. وفي هـذا الجمع حكمة بالغة، ذلك أن التقيد بمذهب واحد معناه العمل برأي واحد، أو آراء متشابهة، وفي ذلك حجر على العقل وتضييق على الناس في حياتهم الاجتماعية.. على أنه في هـذا يعرض التشريع الإسلامي على أنه كل واحد يتمم بعض أجزائه بعضها الآخر. [2]

              ولفت الانتباه إلى أن في التشريع الإسلامي مبدأ عظيما جدا هـو أن التشريع لم يكن من حق الحاكم، الذي ربما اتبع هـواه في أمر من الأمور، فزاد نصا في الأحكام أو حذف نصا، بل كان التشريع من حق العلماء، مشيرا إلى أن «فضل ذلك على العدل واضح: إن العلماء يناقش بعضهم بعضا، ويناقشهم سواهم، فلا يثبت حكم من أحكامهم إلا بعد التمحيص وتحري العدل والإنصاف والمنفعة والإصلاح، ثم إن التشريع الفردي يكون أدنى إلى الاستبداد، بل هـو في الحقيقة صنو الاستبداد» [3] [ ص: 69 ]

              - تخلخل الأسرة المسلمة بالزواج بالأجنبيات

              وفي هـذا الإطار، عرض عمر فروخ ، رحمه الله، لأثر الزواج بالأجنبيات على استقرار وتماسك الأسرة المسلمة، ذلك أنه لا أحد يستطيع أن ينكر الأثر الاجتماعي الذي تتركه الأم في طفلها، قصدا أو عفوا، ولا يستطيع أحد أن ينكر أن الأم الأجنبية، غير المسلمة، تخرج بالبيت المسلم عن سواء السبيل، ومع ذلك يقول: بأنه لا يمتنع في العقل أن يكون هـنالك بيوت مسلمة فيها زوجات أجنبيات، ثم تكون هـذه البيوت سعيدة، وتكون أيضا إلى حد ما سليمة، ولكن هـذا هـو الشاذ وليس القاعدة. [4] .

              وينبه على أمر خطير من جراء الزواج بالأجنبيات، وهو التجسس لصالح الدول الأجنبية، ويضرب مثلا بأحد تلاميذه، قائلا: «عرفت تلميذا في مدارس جمعية المقاصد الإسلامية في بيروت اسمه محمود ع. علمته عاما واحدا أو أكثر من عام، فيما أظن. ثـم ظللت ألقاه بعد ذلك عشرين سنة أو أكثر. ولم أكن أشك في دينه، ولا في وطنيته، مع كثرة ما كنت ألقاه وأحدثه. ولقد تملكتـني الدهشة ذات يوم لما علمت أنه ألقي في السجن لصلته بشبكة تجسس لإسرائيل، ثم زال من دهشتي لما علمت أن أم محمد يهودية» [5] . [ ص: 70 ]

              التالي السابق


              الخدمات العلمية