الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              معلومات الكتاب

              عمر فروخ (رحمه الله) في خدمة الإسلام

              الأستاذ / أحمد العلاونة

              - الصلة بين ماضي الأمة وحاضرها يعبر عمر فروخ ، رحمه الله، عن الصلة بين ماضي الأمة وحاضرها ببليغ قول ونصاعة بيان، فيقول:

              «تظل الأمة حية مادام أبناؤها يشعرون أنهم متصلون بأسلافهم اتصالا واضحا، وما داموا يؤدون رسالة أمتهم تأدية توافق حاجاتهم المتطورة مع الزمن، وتحفظ عليهم مثلهم العليا سليمة بارزة، وتجعل من تراثهم الروحي نطاقا يحمي وحدتهم ويسدد خطواتهم.

              فإذا تناسى الأحفاد صلتهم بأسلافهم، وتناسوا رسالة أمتهم، فقدوا شخصيتهم، وضعف أمرهم، فسهل طغيان غيرهم عليهم، فيحملهم طيب العيش حينئذ على أن ينتحلوا خصائص جيرانهم، من صديق أو عدو، ويتزيوا بزي المتغلبين عليهم، ويتخلقوا بأخلاقهم، ويقلدوهم في مظاهر حياتهم، ثم ينتهي بهم الأمر إلى أن يذوبوا في من حولهم، فتنقرض دولتهم وتزول حضارتهم، ويخلوا موكب التاريخ من أمتهم ومن اسم أمتهم» [1] . [ ص: 78 ]

              - تبيان الألفاظ التي شاعت بين المسلمين وأصلها

              من هـذا تحية الصباح (صباح الخير) وتحية المساء (مساء الخير) التي يحيي بهما معظم المسلمين بعضهم بعضا، مع أن هـذه التحية هـي التحية المجوسية ، ويوضح هـذا بقولـه: «يعتقد المجوس بقوتين: «الخير والشر، يمثلهما النور والظلمة. وللمجوس إله للخير أو النور، وإله للشر أو الظلمة، وهما يتنازعان السيطرة على العالـم. فكان من المعقول أن يحيي المجوس بعضهم بعضا بقولهم: صباح الخير، صباح النور! ومع أن الإسلام قد أمر بأن تأخذ تحية الإسلام «السلام عليكم» مكان كل تحية أخرى، فلا يزال العرب في معظمهم، من المسلمين وغير المسلمين، يتبادلون التحية بقولهم: صباح الخير، صباح النور!» [2]

              - حياة الأمة وسقوطها

              إن الأمم تخالف الأفراد في أشياء منها أن الأمم لا تموت فجأة، ولكن علامات الموت قد تظهر عليها في عنفوان شبابها.

              ويذهب عمر، رحمه الله، إلى أن في الأمم اليوم شعوبا مرشحة للزوال عن مسرح الحياة السياسية، ويستطاع معرفة تلك الشعوب بالمعيار الذي [ ص: 79 ]

              وضعه « ابن خلدون »، ولم يبطل صدقه منذ فجر التاريخ إلى اليوم. وأسباب سقوط الدول عند «ابن خلدون»:

              1- الترف.

              2- التحلل من الأخلاق الكريمة.

              3- العصبية، أي تنازع الجماعات في الدولة الواحدة.

              4- الظلم، عاما وخاصا، أي ظلم الحاكم للمحكومين وظلم بعض أهل الدولة بعضا.

              وإذا كان هـناك عدو خارجي يغتنم الفرصة فإن سقوط الدولة يسرع ولكن لا يكون مفاجئا [3] .

              - دواء كبوة المسلمين

              يرشد عمر فروخ ، رحمه الله، المسلمين إلى أن كل دواء يحتاج إليه المريض يتألف من أجزاء مختلفة الأنواع، مختلفة المقادير؛ وكل دواء اجتماعي أدى في التاريخ إلى نهضة حضارية تآلف من الأجزاء التالية، بالمقادير المذكورة:

              - جهود كثيرة، ولكن هـذه الجهود الكثيرة لا فائدة منها إذا لم تكن منظمة.

              - تنظيم الجهود، ولكن لا سبيل إلى تنظيم الجهود إلا بالعلم. [ ص: 80 ]

              - العلم، ولكن لا فائدة للعلم إذا لم يكن محصنا بالأخلاق إن السكين الواحد يكون في يد الطبيب فيشفي به المريض، فإذا انتقل هـذا السكين نفسه إلى يد الجاهل أصبح أداءة للشر وللأذى [4] .

              ويقول: «تلك هـي الأجزاء التي يتألف منها كل دواء نافع. وقد كان الإسلام قد جاء إلى العرب ثم إلى الناس جميعا بالدواء الأعظم.. بذلك الدواء نهض المسلمون من الضعف إلى القوة، ومن الذلة إلى العزة، ومن الجهل إلى العلم، ومن الفقر إلى الغنى، ومن التشتت إلى الوحدة، ومن الخيبة إلى النجاح، ثم فتحوا الأرض فتحا رحيما، وأقاموا حضارة عادلة، ونشروا ثقافة نافعة، فعلينا أن نعود إلى ذلك الدواء القديم الذي شفينا به مرة بعد مرة، فهو قادر على أن يشفينا الآن أيضا» [5] .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية