الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                5062 5063 5064 5065 5066 5067 5068 5069 5070 [ ص: 402 ] ص: حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، قال: أنا مالك ، عن ابن شهاب ، عن سعيد وأبي سلمة ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله -عليه السلام- " العجماء جبار، والمعدن جبار".

                                                حدثنا يونس ، قال: ثنا سفيان ، عن الزهري ، عن سعيد ، عن أبي هريرة ، - رضي الله عنه - عن النبي -عليه السلام- مثله.

                                                فقال السائل: يا أبا محمد، ، أبو سلمة ؟ معه؟ قال: إن كان معه فهو معه.

                                                حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، قال: أخبرني يونس ، عن ابن شهاب ، عن ابن المسيب ، وعبيد الله بن عبد الله ، عن أبي هريرة ، عن رسول الله -عليه السلام- مثله.

                                                حدثنا أبو بشر الرقي ، قال: ثنا شجاع بن الوليد ، عن محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، عن رسول الله -عليه السلام- مثله.

                                                حدثنا علي بن معبد ، قال: ثنا عبد الوهاب بن عطاء ، قال: ثنا محمد بن عمرو . ... ، فذكر بإسناده مثله.

                                                حدثنا فهد ، قال: ثنا الحجاج بن منهال، قال: ثنا حماد ، عن أيوب ، عن ابن سيرين ، عن أبي هريرة ، عن رسول الله -عليه السلام- مثله.

                                                حدثنا علي بن شيبة ، قال: ثنا يزيد بن هارون ، قال: أنا عبد الله بن عون ، عن محمد بن سيرين ، عن أبي هريرة ، عن النبي -عليه السلام- مثله.

                                                حدثنا فهد ، قال: ثنا الحجاج ، قال: ثنا حماد ، عن محمد بن زياد ، قال: سمعت أبا هريرة يقول: سمعت أبا القاسم - صلى الله عليه وسلم -.... فذكر مثله.

                                                حدثنا حسين بن نصر، قال: ثنا الفريابي، قال: ثنا سفيان ، عن ابن ذكوان ، عن عبد الرحمن الأعرج ، عن أبي هريرة، يرفعه، مثله.

                                                التالي السابق


                                                ش: هذه تسع طرق صحاح:

                                                الأول: عن يونس بن عبد الأعلى شيخ مسلم ، عن عبد الله بن وهب ، عن [ ص: 403 ] مالك بن أنس ، عن محمد بن مسلم بن شهاب الزهري ، عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف ، عن أبي هريرة .

                                                وأخرجه البخاري: عن عبد الله بن يوسف ، عن مالك .

                                                ومسلم: عن محمد بن رافع ، عن إسحاق بن عيسى ، عن مالك .

                                                الثاني: عن يونس أيضا، عن سفيان بن عيينة ، عن محمد بن مسلم الزهري ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة .

                                                وأخرجه الترمذي: عن ابن منيع ، عن سفيان ، عن الزهري ، عن سعيد ، عن أبي هريرة ، عن النبي -عليه السلام- قال: "العجماء جرحها جبار، والمعدن جبار".

                                                الثالث: عن يونس أيضا، عن عبد الله بن وهب ، عن يونس بن يزيد الأيلي ، عن محمد بن مسلم بن شهاب الزهري ، عن سعيد بن المسيب وعبيد الله بن عبد الله -بتصغير الابن وتكبير الأب- بن عتبة بن مسعود المدني الفقيه الأعمى، أحد الفقهاء السبعة بالمدينة، عن أبي هريرة ، عن النبي -عليه السلام-.

                                                وأخرجه مسلم: عن أبي الطاهر وحرملة ، عن ابن وهب ، عن يونس ، عن الزهري ، عن سعيد وعبيد الله بن عبد الله ، عن أبي هريرة نحوه.

                                                الرابع: عن أبي بشر عبد الملك بن مروان الرقي ، عن شجاع بن الوليد ، عن محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص ، عن أبي سلمة عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف ، عن أبي هريرة .

                                                وأخرجه العدني في "مسنده": ثنا عبد العزيز ، عن محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة، [ ص: 404 ] عن أبي هريرة ، عن النبي -عليه السلام- قال: "العجماء جرحها جبار، والمعدن جبار، وفي الركاز الخمس".

                                                الخامس: عن علي بن معبد بن نوح المصري ، عن عبد الوهاب بن عطاء الخفاف البصري شيخ أحمد ، عن محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة عبد الله ، عن أبي هريرة .

                                                وأخرجه أحمد في "مسنده": ثنا يحيى ، عن محمد، حدثني أبو سلمة ، عن أبي هريرة ، عن النبي -عليه السلام-: "جرح العجماء جبار، والبئر جبار، والمعدن جبار، وفي الركاز الخمس".

                                                السادس: عن فهد بن سليمان ، عن الحجاج بن منهال شيخ البخاري ، عن حماد بن سلمة ، عن أيوب السختياني ، عن محمد بن سيرين ، عن أبي هريرة ، عن النبي -عليه السلام-.

                                                وأخرجه النسائي: عن يعقوب الدورقي ، عن هشيم ، عن منصور وهشام ، عن ابن سيرين ، عن الزهري ، عن النبي -عليه السلام- قال: "البئر جبار، والعجماء جبار ...." الحديث.

                                                السابع: عن علي بن شيبة بن الصلت السدوسي ، عن يزيد بن هارون ، عن عبد الله بن عون المزني ، عن محمد بن سيرين ، عن أبي هريرة .

                                                وأخرجه أحمد: عن محمد بن جعفر ، عن هشام ، عن محمد ، عن أبي هريرة ، عن النبي -عليه السلام- قال: "البهيمة عقلها جبار، والبئر عقلها جبار، والمعدن جبار، وفي الركاز الخمس".

                                                وأخرجه النسائي: عن يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا هشيم ، عن منصور وهشام ، عن محمد ، عن أبي هريرة نحوه.

                                                [ ص: 405 ] الثامن: عن فهد بن سليمان ، عن الحجاج بن منهال ، عن حماد بن سلمة ، عن محمد بن زياد الجمحي المدني ، عن أبي هريرة .

                                                وأخرجه أحمد في "مسنده": ثنا حجاج، ثنا شعبة ، عن محمد بن زياد ، عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله -عليه السلام- أو قال: قال أبو القاسم - صلى الله عليه وسلم -: "العجماء جرحها جبار، والبئر جبار، والمعدن جبار، وفي الركاز الخمس".

                                                قال شعبة: ما سمعت أحدا يقول: "الركاز" غيره.

                                                التاسع: عن حسين بن نصر ، عن محمد بن يوسف الفريابي شيخ البخاري ، عن سفيان الثوري ، عن عبد الله بن ذكوان ، عن عبد الرحمن بن هرمز الأعرج ، عن أبي هريرة، رفعه إلى النبي -عليه السلام-.

                                                وأخرجه النسائي: عن ابن سلمة ، عن ابن القاسم ، عن مالك ، عن أبي الزناد عبد الله بن ذكوان ، عن عبد الرحمن بن هرمز ، عن أبي هريرة ، عن النبي -عليه السلام- قال: "العجماء جبار".

                                                قوله: "العجماء جبار" العجماء عند العرب: كل بهيمة وسبع وحيوان غير ناطق مفصح.

                                                وقال ابن الأثير: العجماء: البهيمة; سميت به؛ لأنها لا تتكلم، وكل ما لا يقدر على الكلام فهو أعجم ومستعجم، ومنه الحديث: "بعدد كل فصيح وأعجم" قيل: أراد بعدد كل آدمي وبهيمة.

                                                وقال أبو عمر: أجمع العلماء على أن العجماء إذا جنت جناية نهارا أو جرحت جرحا لم يكن فيه لأحد سبب أنه هدر لا دية فيه على أحد، ولا أرش.

                                                واختلفوا في المواشي يهملها صاحبها ولا يمسكها ليلا، فتخرج فتفسد زرعا [ ص: 406 ] أو كرما أو غير ذلك من ثمار الحوائط والأجنة وخضرها، وقد مضى الكلام فيه عن قريب.

                                                واحتج أبو الزناد بهذا الحديث: "أن الكلب إذا عقر أحدا أنه هدر".

                                                قال ابن وهب: أخبرني يونس، أنه سأل أبا الزناد عن عقل الكلب أو الفهد أو السبع الداجن أو الكبش النطاح، أو نطح الثور أو البعير أو الفرس، الذي يعض فيعقر مسكينا أو زائرا أو عابدا؟ فقال أبو الزناد: إن قتل واحد من هذه الدواب، أو أصاب كسر يد أو رجل، أو فقأ عينا، أو أي شيء جرح من ذلك أحدا من الناس فهو هدر، قضى رسول الله -عليه السلام- أن العجماء جرحها جبار إلا أن يكون قد استعدي في شيء من ذلك، فأمره السلطان [بإيثاق] ذلك فلم يفعل فإن عليه أن يغرم ما جرح بالناس.

                                                وأما ما أصيبت به الدابة أو شيء منها فلم يكن السلطان تقدم إلى صاحبه، فإن على من أصابها غرم ما أصابها به.

                                                وقال مالك فيمن اقتنى كلبا في دار البادية فعقر ذلك الكلب إنسانا: إنه إن اقتناه وهو يدري أنه يفترس الناس ويعقرهم فهو ضامن لما فرس الكلب.

                                                وعن سفيان الثوري ، عن [طارق] قال: "كنت عند شريح فأتاه سائل فقال: إني دخلت دار قوم فعقرني كلبهم وخرق جرابي، فقال: إن كنت دخلت بإذنهم فهم ضامنون، وإن كنت دخلت بغير إذنهم فليس عليهم شيء".

                                                وعن الشعبي قال: "إذا كان الكلب في الدار فأذن أهل الدار للرجل، فعقره الكلب ضمنوا، وإن دخل بغير إذنهم فعقره فلا ضمان عليهم، وأيما قوم غشوا [ ص: 407 ] غنما في مرابضها فعقرتهم الكلاب فلا ضمان على أصحاب الغنم، وإن عرضت لهم الكلاب في الطريق فعقرتهم في الطريق ضمنوا".

                                                وقال أبو حنيفة والشافعي والثوري والحسن بن حي: من كان في داره كلب فدخل إنسان بإذنه أو بغير إذنه فقتله الكلب فلا ضمان في ذلك، وكذلك قال ابن أبي ذئب .

                                                وقد روى الواقدي عن مالك نحو هذا، وروى عنه ابن وهب: أنه إن اتخذ الكلب وهو يدري أنه يفترس ضمن، وإن لم يعلم ذلك لم يضمن، إلا أن يتقدم إليه السلطان.




                                                الخدمات العلمية