الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                7388 ص: ثم رجعنا إلى القولين الآخرين، فرأينا رسول الله -عليه السلام- قد حكم في العبد إذا كان بين اثنين فأعتقه أحدهما أنه حر كله ويضمن إن كان موسرا، وإن كان معسرا ففي ذلك من الاختلاف ما قد ذكرنا في كتاب العتاق، ثم وجدنا في حديث أبي المليح الهذلي عن أبيه: "أن رجلا أعتق شقصا له في مملوك فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: هو حر كله، ليس لله شريك".

                                                فبين رسول الله -عليه السلام- العلة التي لها عتق نصيب الشريك الذي لم يتول العتاق لما عتق نصيب صاحبه، فدل ذلك أن العتاق متى وقع في بعض العبد انفش في كله.

                                                وقد رأينا رسول الله -عليه السلام- أيضا حكم في العبد بين اثنين إذا أعتقه أحدهما ولا مال له يحكم عليه فيه بالضمان بالسعاية على العبد في نصيبه الذي لم يعتق، فثبت بذلك أن حكم هؤلاء العبيد المعتقين في المرض كذلك وأنه لما استحال أن يجب على غيرهم ضمان ما جاوز الثلث الذي للميت أن يوصي به، ويملكه في مرضه من أحب من قيمتهم، وجب عليه السعاية في ذلك للورثة. وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد -رحمهم الله-.

                                                التالي السابق


                                                ش: أراد بالقولين الآخرين: قول أهل المقالة الأولى وهم: أبو حنيفة ومن معه، وقول أهل المقالة الثانية وهم: مالك ومن معه.

                                                وحديث أبي المليح الهذلي أخرجه الطحاوي في باب: "العبد يكون بين الرجلين فيعتقه أحدهما" عن إبراهيم بن أبي داود البرلسي ، عن أبي الوليد ، عن همام ، عن قتادة ، عن أبي المليح ، عن أبيه.

                                                [ ص: 195 ] وأخرجه أبو داود: عن أبي الوليد ، عن همام، وعن محمد بن كثير ، عن همام ، عن قتادة ، عن أبي المليح ، عن أبيه: "أن رجلا أعتق شقيصا من غلام، فذكر ذلك للنبي -عليه السلام-، فقال: ليس لله شريك".

                                                وأخرجه النسائي: عن ابن المثنى عن أبي الوليد وعن محمد بن معمر ، عن حبان بن هلال ، عن همام ، عن قتادة ، عن أبي المليح ، عن أبيه نحوه.

                                                وأبو المليح اسمه عامر، وقيل: زيد، روى عن أبيه أسامة بن عمير الهذلي الصحابي البصري - رضي الله عنه -، والله أعلم.




                                                الخدمات العلمية