الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                5941 ص: وقد روي عن سعد بن أبي وقاص وابن عمر - رضي الله عنهم - في النهي عن ذلك: أنه إنما كان لبعض المعاني التي تقدم ذكرنا لها.

                                                حدثنا أحمد بن داود ، قال: ثنا يعقوب بن حميد بن كاسب ، قال: ثنا إبراهيم بن سعد ، قال: حدثني محمد بن عكرمة بن عبد الرحمن بن الحارث ، عن محمد بن عبد الرحمن بن لبيبة ، عن سعيد بن المسيب ، عن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - قال: "كان الناس يكرون المزارع بما يكون على السواقي وبما سعد بالماء مما حول البئر، فنهى رسول الله -عليه السلام- عن ذلك، وقال: اكروها بالذهب والورق".

                                                [ ص: 320 ] 5942 حدثنا ربيع الجيزي ، قال: ثنا حسان بن غالب ، قال: ثنا يعقوب بن عبد الرحمن ، عن موسى بن عقبة ، عن نافع ، أن رافع بن خديج أخبر عبد الله بن عمر وهو متكئ على يدي: "أن عمومته جاءوا إلى رسول الله -عليه السلام- ثم رجعوا، فقالوا: إن رسول الله -عليه السلام- نهى عن كراء المزارع. فقال ابن عمر : - رضي الله عنهما -: قد علمنا أنه كان صاحب مزرعة يكريها على عهد رسول الله -عليه السلام- على أن له ما فيربيع السواقي الذي تفجر منه الماء، وطائفة من التبن، ولا أدري ما هو". فبين سعد - رضي الله عنه - في هذا الحديث نهي النبي -عليه السلام- لم كان؟ وأنه كان لأنهم قد كانوا يشترطون ما على ربيع الساقي وذلك فاسد في قول الناس جميعا، وحمل ابن عمر النهي على أنه قد يجوز أن يكون على ذلك المعنى أيضا، وزاد حديث سعد على غيره من هذه الأحاديث إباحة النبي -عليه السلام- إجارة الأرض بالذهب والورق، فقد بان بنهي رسول الله -عليه السلام- عن المزارعة في الآثار المتقدمة لم كان؟ وما الذي نهى عنه من ذلك؟ ولم يثبت في شيء منها النهي عن إجارة الأرض ببعض ما يخرج إذا كان ثلثا أو ربعا أو ما أشبه ذلك.

                                                التالي السابق


                                                ش: أي قد روي عن سعد ، وعبد الله بن عمر - رضي الله عنهم - في النهي عن المزارعة أنه إنما كان لبعض المعاني الذي مضى ذكره، وهو إدخال الشرط الفاسد، وهو أنهم كانوا يشترطون ما على ربيع الساقي، وهذا الشرط فاسد في قول العلماء جميعا، وإليه أشار بقوله: "فبين سعد - رضي الله عنه - في هذا الحديث نهي النبي -عليه السلام- لم كان؟ ". يعني بين علة النهي في ذلك، وهي ما ذكرناه.

                                                وكذلك حديث ابن عمر على هذا المعنى، فهذان الحديثان بينا وجه النهي عن ذلك في الأحاديث المتقدمة؛ لأن الأحاديث بعضها يفسر بعضا، ومع هذا لم يثبت في شيء من الأحاديث المذكورة النهي عن إجارة الأرض ببعض ما يخرج منها إذا كان ثلثا أو ربعا أو ما أشبه ذلك.

                                                وأخرج حديث سعد: عن أحمد بن داود المكي شيخ الطبراني ، عن يعقوب بن حميد بن كاسب المدني شيخ ابن ماجه، فيه مقال.

                                                [ ص: 321 ] عن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف ، عن محمد بن عكرمة بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة القرشي المخزومي المدني ، عن محمد بن عبد الرحمن بن لبيبة -ويقال: ابن أبي لبيبة- ويقال: لبيبة أمه وأبو لبيبة أبوه، واسمه وردان -قال يحيى: ليس حديثه بشيء. وذكره ابن حبان في "الثقات".

                                                وهو يروي عن سعيد بن المسيب ، عن سعد بن أبي وقاص .

                                                وأخرجه أبو داود: ثنا عثمان بن أبي شيبة، قال: ثنا يزيد بن هارون، قال: أنا إبراهيم بن سعد ، عن محمد بن عكرمة بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ، عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي لبيبة ، عن سعيد بن المسيب ، عن سعد قال: "كنا نكري الأرض بما على السواقي من الزرع، وما سعد بالماء منها، فنهى رسول الله -عليه السلام- عن ذلك، وأمرنا أن نكريها بذهب أو فضة".

                                                وأخرجه النسائي أيضا.

                                                وأخرج حديث ابن عمر ، عن ربيع بن سليمان الجيزي الأعرج شيخ أبي داود والنسائي ، عن حسان بن غالب بن نجيح الرعيني المصري، وثقه ابن يونس، وضعفه آخرون.

                                                عن يعقوب بن عبد الرحمن بن محمد المدني القاري ، عن موسى بن عقبة ، عن نافع، أن رافع بن خديج ...إلى آخره.

                                                وأخرجه الطبراني: ثنا عبدان بن أحمد، ثنا أبو الأشعث، ثنا الفضيل بن سليمان ، عن موسى بن عقبة ، عن نافع: "أن رافع بن خديج أخبر عبد الله بن [ ص: 322 ] عمر وهو متكئ على يدي، أن عمومته جاءوا إلى النبي -عليه السلام-، ثم رجعوا إلى رافع بعده، ورووا أن النبي -عليه السلام- نهى عن كراء المزارع".

                                                وأخرجه النسائي بمعناه.

                                                قوله: "وبما سعد بالماء" أي وبما جاء من الماء سيحا لا يحتاج إلى دالية. وقيل: معناه ما جاء من غير طلب، قال الأزهري: السعيد: النهر، مأخوذ من هذا وجمعه سعد، ومنه الحديث: "كنا نزارع على السعيد" والسواعد مجاري الماء في النهر أو في البحر، ومجاري المخ في العظم.

                                                قوله: "والورق" بفتح الواو وكسر الراء، وهو الفضة.

                                                قوله: "ما في ربيع الساقي" من إضافة الموصوف إلى الصفة أي النهر الذي يسقي الزرع.




                                                الخدمات العلمية