الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                7392 ص: قال أبو جعفر -رحمه الله-: اختلف الناس في الرجل يوصي بثلث ماله لقرابة فلان، من القرابة الذين يستحقون تلك الوصية؟.

                                                فقال أبو حنيفة - رضي الله عنه -: هم كل ذي رحم محرم من فلان من قبل أبيه أو من قبل أمه، غير أنه يبدأ في ذلك من كانت قرابته من قبل أبيه على من كانت قرابته من قبل أمه.

                                                وتفسير ذلك أن يكون الموصي لقرابته عما وخالا فقرابة عمه من قبل أبيه كقرابة خاله منه من قبل أمه فيبدأ في ذلك عمه على خاله فتجعل الوصية له.

                                                التالي السابق


                                                ش: إذا أوصى رجل بثلث ماله لقرابة فلان فمن هم قرابته الذين يستحقون ذلك الثلث الموصى به؟ فقد اختلفت العلماء فيه على أقوال:

                                                الأول: قول أبي حنيفة - رضي الله عنه - وهو أن الوصية تكون للأقرب فالأقرب من كل ذي رحم محرم من فلان، ولا يدخل الوالدان والولد.

                                                أما اعتبار الأقرب فلأن الوصية أخت الميراث وفيه يعتبر الأقرب فالأقرب، حتى لو كان لفلان عمان وخالان فالوصية للعمين، ولو كان له عم وخالان فللعم النصف وللخالين النصف، ولو كان له عم واحد فله نصف الثلث، ولو [ ص: 197 ] كان له عم وعمة وخال فالوصية للعم والعمة سواء لاستوائهما في القرابة وهي أقوى من الخولة والعمة، وإن لم يكن وارثه يستحق الوصية بلفظة القرابة كما لو كان القريب عبدا أو كافرا، وأما عدم دخول الوالدين والولد؛ فلأن الله تعالى عطف الأقربين على الوالدين، والمعطوف يغاير المعطوف عليه، ولأن الوالد والولد لا يسميان قرابتين عرفا وحقيقة أيضا؛ لأن الأب أصل والولد فرعه وجزءه، والقريب من يقرب من غيره لا من نفسه، فلا يتناوله اسم القريب.

                                                فإن قلت: إذا لم يدخل الوالد والولد في هذه الوصية فهل يدخل فيها الجد وولد الولد؟

                                                قلت: ذكرنا في الزيادات أنهما يدخلان، ولم نذكر فيه خلافا.

                                                وذكر الحسن بن زياد عن أبي حنيفة أنهما لا يدخلان. وهكذا روي عن أبي يوسف وهو الصحيح؛ لأن الجد بمنزلة الأب وولد الولد بمنزلة الولد.




                                                الخدمات العلمية