الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                4987 ص: وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا: هذا الذي حكاه رافع ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من قوله: "لا قطع في ثمر ولا كثر" ، هو على الثمر والكثر المأخوذين من الحوائط التي ليست بحرز لما فيها، فأما ما . كان من ذلك قد أحرز فحكمه حكم سائر الأموال، ويجب القطع على من سرق من ذلك المقدار الذي يجب القطع فيه.

                                                [ ص: 31 ]

                                                التالي السابق


                                                [ ص: 31 ] ش: أي خالف القوم المذكورين جماعة آخرون، وأراد بهم: الزهري ، والثوري ، ومالكا ، والشافعي ، وأبا يوسف؛ فإنهم قالوا: لا قطع في ثمر وكثر، إذا أخذ من الحوائط -أي البساتين- التي ليست بحرز لما فيها.

                                                وأما الذي أحرز منه فحكمه حكم سائر الأموال، فيجب القطع على من سرق منه مقدار ما يجب القطع فيه.

                                                قال أبو عمر: قال مالك: لا قطع في كثر، ولا في النخلة الصغيرة ولا الكبيرة، ولا في ثمر الأشجار، ولا في الزرع، ولا في الماشية، فإذا آوى الجرين الزرع أو الثمر، وآوى المراح الغنم، فعلى من سرق من ذلك قيمة ربع الدينار القطع.

                                                وقال ابن المواز: من سرق نخلة أو ثمرة في دار رجل قطع؛ بخلاف شجر الحائط والجنان.

                                                وقال أبو عمر: لم يختلف مالك ولا أصحابه أن القطع واجب على من سرق رطبا أو فاكهة رطبة إذا بلغت قيمتها ثلاثة دراهم وسرقت من حرز، وهو قول الشافعي .

                                                وقال الثوري: لا قطع في الثمر إذا كان في رءوس الشجر، ولكن يعزر.

                                                وقال عطاء: يعزر، ولا قطع عليه إلا فيما أحرز الجرين.

                                                وقال أبو ثور: إذا سرق ثمر نخل أو شجر أو عنب كرم، وذلك الثمر قائم في أصله، وكان محرزا تبلغ قيمة المسروق من ذلك ما تقطع اليد فيه؛ قطعت يده.

                                                قال أبو عمر: وأما داود وأهل الظاهر فذهبوا إلى قطع كل سارق إذا سرق ما يجب فيه القطع من حرز ومن غير حرز على عموم قوله -عز وجل- وظاهره: والسارق والسارقة وظاهر قول النبي -عليه السلام-: "القطع في ربع دينار فصاعدا"، ولم يذكر الحرز، وضعف داود حديث عمرو بن شعيب وحديث رافع بن خديج، [ ص: 32 ] وشذ في ذلك عن جمهور الفقهاء، كما شذ أهل البدع في قطع كل سارق سرق قليلا أو كثيرا من حرز أو غيره.

                                                وذكر ابن خواز منداد أن أحمد بن حنبل وأهل الظاهر وطائفة لا يعتبرون الحرز في السرقة.

                                                قال أبو عمر: هذا غير صحيح عن أحمد بن حنبل، والصحيح عنه في هذا الباب ما ذكره الخرقي وإسحاق بن منصور قال: القطع فيما آوى الجرين والمراح، قال أحمد: المراح للغنم، والجرين للثمار، قال: وقال إسحاق بن راهويه كما قال.




                                                الخدمات العلمية