الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                7437 ص: فقال المخالف لنا: لا دليل لكم في هذه الآية على ما ذهبتم إليه من هذا؛ لأن الناس كانوا يتوارثون بالتبني، كما تبنى رسول الله -عليه السلام- زيد بن حارثة، فكان يقال: زيد بن محمد، وكان من فعل هذا ورث المتبني ماله دون سائر أرحامه، وكان الناس يتعاقدون في الجاهلية على أن الرجل يرث الرجل، فأنزل الله تعالى: وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله دفعا لذلك وردا للمواريث إلى ذوي الأرحام، وقال تعالى: ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله

                                                وذكر في ذلك ما حدثنا علي بن زيد ، قال: ثنا عبدة بن سليمان ، قال أنا ابن المبارك ، قال: أنا ابن عون ، عن عيسى بن الحارث قال: "كانت لأخي شريح بن الحارث جارية، فولدت جارية فشبت، فزوجها فولدت غلاما، وماتت الجدة، فاختصم شريح والغلام إلى شريح، ، قال: فجعل شريح يقول: ليس له ميراث في كتاب الله إنما هو لابن بنت، فقضى للغلام، فقال: وأولو [ ص: 261 ] الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله قال: فركب ميسرة بن يزيد إلى عبد الله بن الزبير ، - رضي الله عنهما - فحدثه بالذي قضى شريح. . قال: فكتب ابن الزبير - رضي الله عنهما - إلى شريح: : أن ميسرة حدثني أنك قضيت بكذا وكذا، وقلت عند ذلك: وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله وإنما كانت تلك الآيات في العصبات في الجاهلية، وكان الرجل في الجاهلية يعاقد الرجل فيقول: ترثني وأرثك، فلما نزلت هذه الآية ترك ذلك. قال: فقدم الكتاب على شريح فقرأه، وقال: إنما أعتقها حيتان بطنها، وأبى أن يرجع عن قضائه".

                                                التالي السابق


                                                ش: أراد بهذا المخالف: الشافعي، فإنه قال: لا دليل لكم في هذه الآية يعني قوله تعالى: وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله ولما استدل أبو حنيفة وأصحابه في توريث ذوي الأرحام بهذه الآية؛ لأنها نزلت في ميراث ذوي الأرحام، ولهذا نسخت الموالاة والهجرة التي كانت مشروعة، فشرع لهم التوارث من غير فصل بين ذي رحم له فرض وتعصيب أو ليس له ذلك، فتناول الكل، منع الشافعي هذا الاستدلال، وقال: ليس لكم فيما ذهبتم إليه؛ لأن الناس كانوا يتوارثون بالتبني...إلى آخره وهو ظاهر.

                                                و"التبني" بفتح التاء المثناة من فوق والباء الموحدة وتشديد النون بعدها، من "البنوة" بالباء الموحدة قبل النون.

                                                قوله: "وذكر في ذلك"، أي وذكر هذا المخالف فيما قاله من المنع ما حدثنا علي بن زيد الفرائضي...إلى آخره.

                                                وابن المبارك هو عبد الله بن المبارك .

                                                وابن عون هو عبد الله بن عون بن أرطبان المزني البصري، يروي عن عيسى بن الحارث [..].




                                                الخدمات العلمية