الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 304 ] ( وما غصبك فلان فعلي ) ما هنا شرطية أي إن بايعته فعلي لا ما اشتريته لما سيجيء أن الكفالة بالمبيع لا تجوز ، وشرط في الكل القبول : أي ولو دلالة ، بأن بايعه أو غصب منه للحال نهر ، ولو باع ثانيا لم يلزم الكفيل إلا في كلما ، وقيل يلزم إلا في إذا وعليه القهستاني والشرنبلالي فليحفظ . ولو رجع عنه الكفيل قبل المبايعة صح ، بخلاف الكفالة بالذوب

التالي السابق


( قوله : وما غصبك فلان ) وكذا ما أتلف لك المودع فعلي ، وكذا كل الأمانات جامع الفصولين .

( قوله : ما هنا شرطية ) أي في قوله ما بايعت وما غصبك .

( قوله : أي إن بايعته فعلي لا ما اشتريته ) أراد بيان أمرين : كون ما لمجرد الشرط مثل إن ، وكون المكفول به الثمن لا المبيع بقرينة التعليل .

وعبارة الدرر أظهر في المقصود حيث قال أي ما بايعت منه فإني ضامن لثمنه لا ما اشتريته فإني ضامن للمبيع ; لأن الكفالة بالمبيع لا تجوز كما سيأتي .

ثم قال : وما في هذه الصور شرطية معناه إن بايعت فلانا فيكون في معنى التعليق ا هـ ، وما كتبه ح هنا لا يخفى ما فيه على من تأمله فافهم .

[ تنبيه ] قيد بضمان الثمن ; لما في البحر عن البزازية : لو قال بايع فلانا على أن ما أصابك من خسران فعلي لم يصح ا هـ .

قال الخير الرملي : وهو صريح بأن من قال استأجر طاحونة فلان وما أصابك من خسران فعلي لم يصح وهي واقعة الفتوى ا هـ .

( قوله : لما سيجيء ) أي في قوله ولا بمبيع قبل قبضه وهذا في البيع الصحيح ، وسيأتي تمامه .

( قوله : بأن بايعه إلخ ) تصوير للقبول دلالة .

وعبارة النهر هكذا ، وفي الكل يشترط القبول إلا أنه في البزازية قال طلب من غيره قرضا فلم يقرضه فقال رجل أقرضه ، فما أقرضته فأنا ضامن فأقرضه في الحال من غير أن يقبل ضمانه صريحا يصح ويكفي هذا القدر ا هـ ، وينبغي أن يكون ما بايعت فلانا أو ما غصبك فعلي ، كذلك إذا بايعه أو غصب منه للحال ، ا هـ ما في النهر .

قلت : ما ذكره في المبايعة صحيح ، بخلاف الغصب فإن الطالب مغصوب منه فكيف يتصور كون الغصب قبولا منه للكفالة ; لأن الغصب فعل غيره .

أما المبايعة فهي فعله ، فإقدامه عليها في الحال يصح كونه قبولا منه فافهم .

( قوله : إلا في كلما ) هذا ما مشى عليه العيني وابن الهمام .

قال في الفتح ; لأن المعنى إن بايعته فعلى درك البيع ، وإن ذاب لك عليه شيء فعلي ، وكذا ما غصبك فعلي وإذا صحت فعليه ما يجب بالمبايعة الأولى ، فلو بايعه مرة بعد مرة لا يلزمه ثمن في المبايعة الثانية ، ذكره في المجرد عن أبي حنيفة نصا وفي نوادر أبي يوسف برواية ابن سماعة يلزمه كله ا هـ .

( قوله : وقيل يلزم ) أي في ما مثل كلما وكذا الذي .

( قوله : إلا في إذا ) أي ونحوها مما لا يفيد التكرار مثل متى ، وإن قال في النهر : وفي المبسوط لو قال : متى أو إذا أو إن بايعت لزمه الأول فقط بخلاف كلما وما ا هـ ، وزاد في المحيط الذي ا هـ ، ومقتضى ما مر عن الفتح أن ما في المبسوط رواية عن أبي يوسف وأن الأول قول الإمام : ونقل ط التصريح بذلك عن حاشية سري الدين على الزيلعي عن المحيط وغيره ، ولكن ما في المبسوط هو الذي في كافي الحاكم ولم يذكر فيه خلافا فكان هو المذهب .

والحاصل الاتفاق على إفادة التكرار في كلما وعلى عدمها في إذا ومتى وإن ، والخلاف في ما .

( قوله : وعليه القهستاني والشرنبلالي ) ومشى عليه أيضا في جامع الفصولين .

( قوله : ولو رجع عنه الكفيل إلخ ) في البزازية تبعا للمبسوط . [ ص: 305 ]

لو رجع عن هذا الضمان قبل أن يبايعه ونهاه عن مبايعته لم يلزمه بعد ذلك شيء ، ولم يشترط الولوالجي نهيه عند الرجوع حيث قال لو قال رجعت عن الكفالة قبل المبايعة لم يلزم الكفيل شيء ، وفي الكفالة بالذوب لا يصح والفرق أن الأولى مبنية على الأمر دلالة وهذا الأمر غير لازم ، وفي الثانية مبنية على ما هو لازم . ا هـ وهو ظاهر نهر أي لأن قوله كفلت لك مما ذاب لك على فلان : أي بما ثبت لك عليه بالقضاء كفالة بمحقق لازم ، بخلاف بما بايعته فإنه لم يتحقق بعد بيانه ما في البحر عن المبسوط ; لأن لزوم الكفالة بعد وجود المبايعة وتوجه المطالبة على الكفيل ، فأما قبل ذلك هو غير مطلوب بشيء ولا ملتزم في ذمته شيئا فيصح رجوعه ، يوضحه أن بعد المبايعة إنما أوجبنا المال على الكفيل دفعا للغرور عن الطالب ; لأنه يقول إنما اعتمدت في المبايعة معه كفالة هذا الرجل ، وقد اندفع هذا الغرور حين نهاه عن المبايعة ا هـ .




الخدمات العلمية