الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ومن ادعى على آخر مالا فقال ) المدعى عليه ( ما كان لك علي شيء قط فبرهن المدعي على ) أن له عليه ( ألف وبرهن ) المدعى عليه ( على القضاء ) أي الإيفاء ( أو الإبراء ولو بعد القضاء ) أي الحكم بالمال إذ الدفع بعد قضاء القاضي صحيح إلا في المسألة المخمسة - [ ص: 453 ] كما سيجيء ( قبل ) برهانه لإمكان التوفيق . لأن غير الحق قد يقضى ويبرأ منه دفعا للخصومة ، وسيجيء في الإقرار أنه لو برهن على قول المدعي أنا مبطل في الدعوى أو شهودي كذبة أو ليس لي عليه شيء صح الدفع إلى آخره ، وذكره في الدرر قبيل الإقرار في فصل الاستشراء .

التالي السابق


( قوله ما كان لك ) انظر لو لم يذكر لفظ كان وانظر ما سنذكره قريبا عند واقعة سمرقند فإنه يفيد الفرق بين الماضي والحال .

( قوله قط ) لا فرق بين أن يؤكد النفي بكلمة قط أو لا بحر .

( قوله علي إلخ ) الأصوب أن يقول على ألف له عليه فافهم ، وفي بعض النسخ على أنه له عليه ألف .

( قوله على القضاء ) أي الإيفاء قيد بدعوى الإيفاء بعد الإنكار : إذ لو ادعاه بعد الإقرار بالدين ، فإن كان كلا القولين في مجلس واحد لم يقبل للتناقض ، وإن تفرقا عن المجلس ثم ادعاه وأقام البينة على الإيفاء بعد الإقرار تقبل لعدم التناقض ، وإن ادعى الإيفاء قبل الإقرار لا يقبل كذا في خزانة المفتين بحر .

( قوله إلا في المسألة المخمسة ) كأودعنيه فلان أو آجرنيه أو ارتهنته أو غصبته منه أو قال أخذت هذه الأرض مزارعة من فلان أو هذا الكرم معاملة منه سميت مخمسة لأن فيها خمسة أقوال .

قال في البحر : وهذه مخمسة كتاب الدعوى لأن صورها خمسة : وديعة وإجارة وإعارة ورهن وغصب ، أو لأن فيها خمسة أقوال للعلماء : الأول ما في الكتاب ، وهو أنه تندفع خصومة المدعي لأن البينة أثبتت أن يده ليست بيد خصومة وهو قول أبي حنيفة . الثاني قول أبي يوسف ، واختاره في المختارات ، المدعى عليه إن كان صالحا فكما قال الإمام ، وإن معروفا بالجبر لم تندفع عنه لأنه قد يدفع ماله إلى مسافر يرده إياه ويشهد فيحتال لإبطال حق غيره فإذا اتهمه به القاضي لا يقبله .

الثالث قول محمد إن الشهود إذا قالوا نعرفه بوجهه فقط لا تندفع ، فعنده لا بد من معرفته بالوجه والاسم والنسب . وفي البزازية تعويل الأئمة على قول محمد . وفي العمادية : لو قالوا نعرفه باسمه ونسبه لا بوجهه لم يذكر في شيء من الكتب وفيه قولان ، وعند الإمام لا بد أن يقول نعرفه باسمه [ ص: 453 ] ونسبه وتكفي معرفة الوجه ، واتفقوا على أنهم لو قالوا أودعه رجل لا نعرفه لا تندفع .

الرابع قول ابن شبرمة إنها لا تندفع عنه مطلقا لأنه تعذر إثبات الملك لعدم الخصم عنه ودفع الخصومة بناء عليه . قلنا مقتضى البينة شيئان ثبوت الملك للغائب ولا خصم فيه فلم يثبت ودفع خصومة المدعي وهو خصم فيه فثبت وهو كالوكيل بنقل المرأة وإقامة البينة على الطلاق .

الخامس قول ابن أبي ليلى تندفع بدون بينة لإقراره بالملك للغائب وقلنا إنه صار خصما بظاهر يده ، فهو بإقراره يريد أن يحول حقا مستحقا على نفسه فلا يصدق إلا بحجة ، كما لو ادعى تحول الدين من ذمته إلى ذمة غيره ا هـ .

( قوله كما سيجيء ) في فصل رفع الدعاوى من كتاب الدعوى ح .

( قوله قبل برهانه ) انظر لو برهن على إيفاء البعض فقد صارت حادثة الفتوى .

( قوله في فصل الاستشراء ) وفيه فوائد جمة فراجعه . والاستشراء : طلب شراء شيء .




الخدمات العلمية