الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( وإن اجتمع ذكور وإناث فالأم ) مقدمة على الكل للخبر المار ولزيادتها على الأب بالولادة المحققة والأنوثة اللائقة بالحضانة ( ثم أمهاتها ) [ ص: 229 ] المدليات بإناث وإن علون ; لأنهن في معناها ( ثم الأب ) ; لأنه أشفق ممن يأتي ثم أمهاته ، وإن علون ( وقيل تقدم عليه الخالة والأخت من الأم ) أو الأب أو هما لإدلائهما بالأم كأمهاتها ورد بضعف هذا الإدلاء ( ويقدم الأصل ) الذكر والأنثى وإن علا ( على الحاشية ) من النسب كأخت وعمة لقوة الأصول ( فإن فقد ) الأصل مطلقا وثم حواش ( فالأصح ) أنه يقدم منهم ( الأقرب ) فالأقرب ذكرا كان أو أنثى كالإرث ، ولا يخالف هذا ما مر من تقديم الخالة على أبنة أخ أو أخت ; لأن الخالة تدلي بالأم المقدمة على الكل فكانت أقرب هنا ممن ندلي بالمؤخر عن كثيرين ( وإلا ) بأن لم يوجد فيهم أقرب كأن استوى جمع في القرب كأخ وأخت ( فالأنثى ) مقدمة ; لأنها أبصر وأصبر ( وإلا ) بأن لم يكن من المستوين قربا أنثى كأخوين أو أختين .

                                                                                                                            ( فيقرع ) بينهما قطعا للنزاع ، والخنثى هنا كالذكر ما لم يدع الأنوثة ويحلف ( ولا حضانة ) على حر أو رقيق ابتداء ولا دواما ( لرقيق ) أي لمن فيه رق وإن قل لنقصه ، وإن أذن سيده ; لأنها ولاية وهي على القن لسيده ، لكن ليس له نزعه من أحد أبويه الحر قبل التمييز ، وقد تثبت لأم قنة فيما لو أسلمت أم ولد كافر فلها حضانة ولدها التابع لها في الإسلام ما لم تتزوج لفراغها ; إذ يمتنع على السيدة قربانها مع وفور شفقتها ومع تزوجها لا حق للأب لكفره ( ومجنون ) ولو متقطعا ما لم يقل كيوم في سنة لنقصه ، ويتجه ثبوت الحضانة في ذلك اليوم لوليه ولم أر لهم كلاما في الإغماء والأقرب أن الحاكم يستنيب عنه زمن إغمائه ولو قيل بمجيء ما مر في ولي النكاح لم يبعد ( وفاسق ) ; لأنها ولاية ، نعم يكفي مستورها كما قاله جمع ولا يكلف إثبات العدالة : أي حيث وقع النزاع بعد التسليم ، فإن وقع قبله احتاج المدعي إلى إثباتها ويحمل عليه إفتاء المصنف ولا تسمع بينة بعدم الأهلية إلا مع بيان السبب كالجرح ( وكافر على مسلم ) لذلك بخلاف العكس ; لأن المسلم يلي الكافر .

                                                                                                                            وأفهم كلامه ثبوتها للكافر على الكافر وهو كذلك ( وناكحة غير أبي الطفل ) وإن رضي زوجها ولم يدخل [ ص: 230 ] بها للخبر المار { أنت أحق به ما لم تنكحي } وإذا سقط حق الأم بذلك انتقل لأمها ما لم يرض الزوج والأب ببقائه مع الأم ، وإن نازع الأذرعي في ذلك ، أما ناكحة أبي الطفل ، وإن علا فحضانتها باقية ، أما الأب فظاهر ، وأما الجد فلأنه ولي تام الشفقة ، وقضيته أن تزوجها بأبي الأم يبطل حقها وهو كذلك ، وتناقض فيه كلام الأذرعي ، وقد لا تسقط بالتزوج لكون الاستحقاق بالإجارة بأن خالع زوجته بألف وحضانة الصغير سنة فلا يؤثر تزوجها في أثناء السنة ; لأن الإجارة عقد لازم ( إلا ) إن تزوجت من له حق في الحضانة أي في الجملة ، ورضي به كأن تزوجت ( عمه وابن عمه وابن أخيه ) أو أخته لأمه أخاه لأبيه ( في الأصح ) ; لأن هؤلاء أصحاب حق في الحضانة ، والشفعة تحملهم على رعاية الطفل فيتعاونان على كفالته بخلاف الأجنبي ، ومن ثم اشترط أن ينضم رضاه رضا الأب بخلاف من له حق يكفي رضاه وحده .

                                                                                                                            والثاني يبطل حقها لاشتغالها بالزوج ، ولا حق له في الحضانة الآن فأشبه الأجنبي ، ويتصور نكاح ابن الأخ فيما إذا كان المستحق غير الأم وأمهاتها كأن تتزوج أخت الطفل لأمه بابن أخيه لأبيه فإنها تقدم على ابن أخيه لأبيه في الأصح .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : بالولادة المحققة ) أي ; لأنه منها ولو من زنا [ ص: 229 ] لنسبته إليها شرعا

                                                                                                                            ( قوله : وقيل تقدم عليه ) أي الأب ( قوله كأمهاتها ) أي الأم

                                                                                                                            ( قوله : من النسب ) مثال للحاشية

                                                                                                                            ( قوله : وأصبر ) عطف مغاير

                                                                                                                            ( قوله : أنثى ) أي مع ذكر ( قوله : ما لم يدع الأنوثة ) أي بظهور علامة له خفيت على غيره

                                                                                                                            ( قوله : ويحلف ) أي فيقدم على الذكر

                                                                                                                            ( قوله : لكن ليس له ) أي السيد ، وقوله : نزعه هذا شامل للأب والأم واقتصر على الأم حيث قال : تلخيص القول فيه أن الولد الرقيق حضانته لسيده إلا إذا كان قبل السبع وأمه حرة ا هـ سم على منهج ( قوله من أحد أبويه الحر ) ويتصور ذلك في الأم بإن تعتق بعد ولادته أو أوصى بأولادها ثم عتقت فهي حرة ، والأب رقيق كالولد

                                                                                                                            ( قوله : ولو قيل بمجيء ما مر ) أي من أنه إن دام ثلاثة أيام فأكثر انتقلت الولاية للأب وإلا انتظرت الإفاقة ثم رأيته في حج ( قوله : وناكحة غير أبي الطفل ) أي بمجرد العقد ، [ ص: 230 ] وإن كان الزوج غائبا صرح به في الأم وقوله غير أبي الطفل : أي وإن علا كما في زوجة الجد أبي الأب . وصورته أن يزوج الرجل ابنه بنت زوجته من غيره فتلد منه ، ويموت أبو الطفل وأمه فتحضنه زوجة جده بر ا هـ سم على منهج ( قوله : وأما الجد فلأنه إلخ ) وصورة ذلك أن يتزوج الجد إحدى أختين وابنه الأخرى ، أو يتزوج الجد امرأة وابنه بنتها ، فيأتي للابن ولد من إحدى الأختين ، أو بنت زوجة أبيه ثم تنتقل حضانة الولد لزوجة أبي الابن وهي الخالة في الأولى وأم الأم في الثانية فمن لها الحضانة حينئذ ناكحة لجد الطفل ، وقد تقدم تصويره أيضا فيما نقله سم على منهج عن ب ر ( قوله : وقضيته أن تزوجها ) أي الحاضنة وقوله بأبي الأم أي كأن تكون عمة المحضون وتزوجت بأبي أمه

                                                                                                                            ( قوله : بأن خالع زوجته بألف ) هو للتمثيل وإلا فلو خالعها على حضانة الصغير سنة كان الحكم كذلك ( قوله : وابن أخيه ) صورتها أن تزوج أخت الطفل لأمه من ابن أخيه لأبيه فإن الأخت للأم لا يسقط حقها ع ا هـ سم على منهج .

                                                                                                                            ثم رأيت قول الشارح ويتصور نكاح ابن الأخ إلخ



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : أو الأب أو هما لإدلائهما بالأم ) هو لا يتأتى في الأخت للأب ، فالصواب إسقاطها من الشارح إذ هذا القيل لا يجري فيها ، وعبارة الشارح الجلال عقب المتن نصها ; لإدلائهما بالأم بخلاف الأخت للأب لإدلائها به انتهت ( قوله : بأن لم يكن من المستوين قربا أنثى ) أي منفردة بقرينة ما بعده ( قوله : وهي على القن لسيده ) كلام مستأنف ( قوله : لأم قنة ) في حواشي التحفة نقلا عن صاحبها أنه بالإضافة ، وانظر ما وجهه مع أن قوله فيما لو أسلمت إلخ . قد يعين أن لأم بالتنوين فتأمل ( قوله : ومع تزوجها لا حق للأب ) ويؤخذ مما مر ويأتي أنها تنتقل لمن بعد الأبوين ثم القاضي الأمين فليراجع ( قوله : ولو قيل بمجيء ما مر إلخ . ) عبارة التحفة : ويظهر أن القاضي ينيب عنه من يحضنه لقرب زواله غالبا ، ويحتمل أخذا مما مر في ولاية النكاح أن يفصل بين أن يعتاد قرب زواله فالحكم [ ص: 230 ] كذلك ، وإلا فتنتقل لمن بعده انتهت ( قوله : أما ناكحة أبي الطفل ) أي كخالة الطفل إذا نكحت أباه أو جده ( قوله : بألف ) وكذا لو خالعها على الحضانة فقط كما في حاشية الشيخ ( قوله : كأن تزوجت ) لا يخفى ما في الدخول بهذا على المتن مع العطف فيه بالواو ( قوله : أو أخته لأمه أخاه لأبيه ) أي بناء على أحد الوجهين من أنها تقدم عليه ولعل الشارح ممن يختاره




                                                                                                                            الخدمات العلمية