الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( وفي ) إبطال ( بعض الحروف ) ( قسطه ) إن بقي له كلام مفهوم وإلا وجب كمال الدية لفوات منفعة الكلام ( و ) الحروف ( الموزع عليها ثمانية وعشرون حرفا في لغة العرب ) فلكل حرف ربع سبع دية وأسقطوا لا لتركيبها من الألف واللام ، واعتبار الماوردي لها والنحاة للألف والهمزة مردود .

                                                                                                                            أما الأول فلما ذكر .

                                                                                                                            وأما الثاني فلأن الألف تطلق على أعم من الهمزة والألف الساكنة كما صرح به سيبويه فاستغنوا بالهمزة عن [ ص: 339 ] الألف لاندراجها فيها ، فإن كان المجني عليه من غير العرب وزعت على حروف لغته قلت أو كثرت كأحد وعشرين في لغة وأحد وثلاثين في أخرى ، ولو تكلم بلغتين وزع على أكثرهما ، وإن قطع شفتيه فذهبت الميم والباء وجب أرشهما مع ديتهما في أوجه الوجهين ( وقيل لا توزع على الشفهية ) وهي الباء والفاء والميم والواو ( والحلقية ) وهي الهمزة والهاء والعين والغين والحاء والخاء بل على اللسانية ; لأن النطق بها ، ورد بمنع ذلك بل كمال النطق مركب من جميعها ، ففي بعض من تينك قسطه من الدية ، ولو أذهب له حرفا فعاد له حرف لم يكن يحسنه وجب للذاهب قسطه من الحروف التي يحسنها قبل الجناية ( ولو عجز عن بعضها خلقة أو بآفة سماوية ) وله كلام مفهم فجني عليه فذهب كلامه ( فدية ) لوجود نطقه ، وضعفه لا يمنع كمال الدية فيه كضعف البصر والبطش ( وقيل ) فيه ( قسط ) من الدية وفارق ضعف نحو البطش بأنه لا يتقدر غالبا ، والنطق يتقدر بالحروف ، ورد بأنه يبقى مقصود الكلام ما بقي له كلام مفهم فلا حاجة لذلك التقدير ( أو ) عجز عن بعضها ( بجناية فالمذهب لا تكمل ) فيها ( دية ) لئلا يتضاعف الغرم فيما أبطله الجاني الأول ، وقضيته أنه لا أثر لجناية الحربي ; لأنها كالآفة السماوية ، والأوجه عدم الفرق ، وقيل تكمل ، والخلاف مرتب على الخلاف فيما قبله

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : لتركيبها من الألف واللام ) هو كذلك إلا أن لا ليست عبارة عما تركب من الألف واللام بل سماها الألف اللينة كالألف في قال ، ومواقع الألف اللينة غير مواقع الهمزة .

                                                                                                                            ثم رأيت سم على حج قال ما نصه : لا وجه لتضعيف كلام النحاة بما ذكر ، فإن إطلاق الألف على الأعم لا يمنع النص على كل بخصوصه الذي هو أبين وأظهر في بيان المراد ، ولا وجه للتوزيع على ثمانية وعشرين مع كون الهمزة والألف اللينة حقيقتين متباينتين للزوم إهدار أحدهما فالوجه التوزيع على تسعة وعشرين فتدبر ، اللهم إلا أن يقال : الألف اللينة لا يمكن النطق بها وحدها ، ولا تكون إلا تبعا وتتولد من إشباع غيرها ، ولا تتميز حقيقتها تميزا ظاهرا عن الهواء المجرد فلم تعتبر ولم يوزع عليها فليتأمل ( قوله : تطلق على أعم من الهمزة ) فيه نظر ، [ ص: 339 ] أما أولا فقوله على أعم ليس على ما ينبغي ; لأنه من المشترك لا العام فإن العام أن يكون اللفظ دالا على معنى يشترك فيه كل الأفراد فيتناولها جميعا وليس الألف كذلك بل تطلق على هذا وعلى هذا ، وأما ثانيا فلأن هذا قول بعضهم ونقله الجوهري في الصحاح وضعفه بعضهم ، والنحاة يعتمدون القول الآخر وهو مغايرة الألف للهمزة فتأمل ( قوله : وزع على أكثرهما ) ظاهره وإن كانت الأقل العربية ، وعبارة الشيخ عميرة : ولو كان يحسن العربية وغيرها وزع على العربية وقيل على أكثرهما حروفا وقيل على أقلهما ا هـ .

                                                                                                                            وعليه فيحمل قول الشارح هنا على ما لو كانت اللغتان غير عربيتين

                                                                                                                            ( قوله : والميم ) أي والباء ; لأنها مساوية لها في المخرج وسيأتي التصريح به في قوله ومن ثم قيل كان الأوجه فيمن قطع الشفتين فزالت الميم والباء أنه لا يجب لهما أرش إلخ

                                                                                                                            ( قوله : أو بآفة سماوية ) وكالآفة جناية غير مضمونة على ما اقتضاه كلام حج الآتي

                                                                                                                            ( قوله : وفارق ) أي على هذا انتهى سم على حج

                                                                                                                            ( قوله : والأوجه عدم الفرق ) أي بين الحربي وغيره ، ويؤخذ منه بالأولى أن جناية السيد على عبده كالحربي .

                                                                                                                            وكتب أيضا قوله والأوجه لم يبين علة الأوجه ، وقياس نظائره من أن الجناية الغير المضمونة كالآفة اعتماد الأول كما هو مقتضى التعليل .

                                                                                                                            وعبارة حج : وقضيته أن التعليل بما ذكره الشارح أنه لا أثر لجناية الحربي وهو متجه وإن قال الأذرعي لا أحسبه كذلك



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            [ ص: 338 ] ( قوله : وأسقطوا لا لتركيبها إلخ . ) الظاهر أن الواضع لم يرد جعل لا من حيث هي حرفا لأنها مركبة وما قبلها وما بعدها من الحروف بسائط ، وإنما أراد الألف اللينة ، وأما الهمزة فهي المرادة بالألف أول الحروف ويدل على إرادته في لا الألف اللينة جعله لها بين أختيها الواو والياء ، وإنما لم يركب أختيها للإشارة إلى أنه يمكن النطق بمسماهما مستقلا لقبولهما التحريك دونها ، وحينئذ فلا بد من اعتبارها لأنها حرف مستقل يتوقف تمام النطق عليه ، بل هي أكثر دورانا في الكلام من غيرها كما لا يخفى ، وقوله : واعتبار الماوردي لها لا يخفى مما تقرر أن الماوردي لم يعتبرها من حيث تركبها ، وإنما اعتبر ما أريد منها وهو الألف اللينة ، وقد علمت أن اعتبارها متعين ، وحينئذ فاعتبار الماوردي هو عين اعتبار النحاة لا غيره لا كما اقتضاه صنيع الشارح ، وقوله : أما الأول فلما ذكر قد علمت أن الماوردي لم يعتبر لا من حيث تركبها حتى يتوجه عليه هذا الرد ، وقوله : وأما الثاني فلأن الألف تطلق على أعم من الهمزة والألف إلخ . فيه أن المدار في الحروف التي تقسط عليها الدية إنما هي المسميات التي هي أجزاء الكلام ولا شك أن نطق اللسان بالهمزة غيره بالألف ولكل منهما مخرج مخصوص يباين الآخر وليس المدار على الأسماء [ ص: 339 ] التي هي لفظ ألف ولفظ باء إلخ . حتى يتوجه ما ذكر هكذا ظهر فليتدبر ، ثم رأيت الشهاب سم قرر نحو ما ذكرته آخرا ثم قال : إن الوجه تقسيط الدية على تسعة وعشرين




                                                                                                                            الخدمات العلمية